مراد بورجى
لابد أن يكون الملك محمد السادس قد تتبع، إمَّا بصفة مباشرة، أو بواسطة تقرير رفعه إليه مستشاره المكلف، إلى أدق تفاصيل “تقاتل” الأحزاب السياسية وبرلمانييها “على المقاعد وعلى المناصب وليس على مصالح المغاربة” خلال مناقشة القوانين الانتخابية داخل غرفتي البرلمان.
ولابد أن يكون الملك قد سمع أقدح النعوت التي استعملها المشرعون، أغلبية ومعارضة، خلال مناقشة هذه القوانين الانتخابية.
ولابد للملك أيضا أن يكون قد انتابه بعض الذهول ومعه المغاربة أمام سياسة “اضرب لي نضرب ليك” و “تدِّي ليا وندي ليك” التي نهجها المشرعون فقط من أجل الحفاظ على المقعد أو الاستمرار بالمنصب.
ولابد أن الملك قد أدرك ومعه الشعب أن الصراع الحقيقي الذي اندلع على هامش النقاش حول تعديل القوانين الانتخابية كان “على السلطة، وعلى المقاعد، وعلى الدواوين، وعلى المناصب، وليس على مصالح المغاربة”، و “صعيب تولف الكرسي، والبزولة صعيبة ” و خصوصا سيكون الصراع عند “لمولّف كيدوّز الثاني و كدوّز الثالث” للبرلمان من اللائحة الانتخابية.
وأخطر ما سيكون قد سمعه الملك محمد السادس، هو أن يُنعث التعديل الذي كان سبب في كل هذا التقاتل ب: “تعديل لقيط”.
إن كل هذه الوقائع والاتهامات المتبادلة وردت على لسان رئيس لجنة الانتخابات نفسه، بعد أكثر من 29 ساعة من اللغط داخل لجنة الانتخابات.
تعالوا نُخمِّن فيما فكّر فيه الملك محمد السادس وهو يرى بأم عينه هذا الدرك الأسفل من البؤس السياسي الذي لازالت تعيشه اليوم عيِّنة من الطبقة السياسية بالمغرب .
لابد أن الملك ستعود به الذاكرة إلى خطابه الناري، ونبرته الغاضبة التي خاطب بها نفس الطبقة السياسية منذ أكثر من أربع سنوات خلت.
وحثماً سيخلص الملك إلى أنه بدد الكثير من الزمن السياسي في خطابات تضمنت سيلاً وافر من “التقريع” والوعد والوعيد، وحتى التهديد بعض الأحيان ضد هذه الطبقة السياسية التي لم تُعر مضامين هذه الخطابات الملكية أي اهتمام.
وإذا كان الملك قد قال في خطابات ملكية سابقة إنه لا يثق ومعه الشعب في الطبقة السياسية، فلابد أن الجالس على العرش تأكد اليوم بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الطبقة السياسية التي فشلت في كل شيئ باعتراف الملك محمد السادس نفسه، هي مجرد عبئ ثقيل على حاضر البلد وعلى مستقبله.
واليوم لابد بعد كل هذا أن نتساءل مع الملك حول سؤال الجدوى الذي طرح الملك نفسه قبل أربعة سنوات، حول الهدف من تنظيم الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء وما يكلف ذلك كله من ميزانية باهظة من أموال الشعب؟.
هذا الشعب الذي استغلّت وتستغل فيه هذه الطبقة السياسية الحاجة والهشاشة، سيلزمه غداً سياسيين وطنيين حقيقيين يثق في قدرتهم على إخراجه من أزمة مخلفات جائحة كورونا الاقتصادية التي قد تحول دون اجراء هذه الانتخابات في وقتها بسبب المتحولات الفيروسية الجديدة التي ظهرت مؤخراً بالمغرب.
فما العمل للتصدي لكل هذا العبث؟.
وما هي الإجراءات التي قد تتخذها الدوائر العليا ضد أثرياء السياسة وتجّارها، وإبعاد كل الوجوه المتورطة في إفساد العمل السياسي النبيل قبل الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة؟.
أسئلة سنعود إليها في المقال القادم.