وما بين “أگادير” و”روزادير” و”قادس”..، دلالات عمق تاريخي.

وما بين “أگادير” و”روزادير” و”قادس”..، دلالات عمق تاريخي.

- ‎فيرأي
234
6

*حسن إدوعزيز

إنه “أگادير”، أو “أگادير ن إيغير”، أو “أگادير ن لعربا”، أو “تيگمي ن أورومي”، أو “فونتي”، أو “پورتو ميسگينوم”، أو “سانتا كروز”… وغيرها من التسميات التي تفوق العشرين إسما، حسب بعض الرواة، والتي أطلقت على هذا “الحصن المنيع” المنفتح على المحيط الأطلنتي عند نهاية سلسلة الأطلس الكبير (أدرار ن درن)، كمنفذ تواصل بحري استراتيجي لسوس مع بحر الظلمات وعوالمه الخفية..

لقد اندثرت أغلب التسميات تقريبا، لتبقى “أگادير” بمدلولها الأصلي كحصن منيع، تقاوم عوادي الزمن. وبالرجوع إلى الأصول “الطپونيمية” للتسمية، نتأكد أن معظم المؤرخين واللغويين، ك (Pomponius Mela)، و(Georges Marcy)، و(Ernest Mercier)، و(Emile Laoust)، و(Maurice Sznycer)… وغيرهم، قد أجمعوا أن اسم “أگادير” (Agadir) جاء من الشقين اللغويين: “أگّ” (Ag/Ak) و”أدّار” (Addar). على اعتبار أن دلالة كلمة “أدّار” تحيل على “المرتفع” و”القمة”، في لغة بلاد “تيمّوزغا” أي “أدرار” (Adrar)، بينما يحيل الملحق (l’affixe) “أگ” (Ag/Ak) على معنى “الرأس المطل” أو “المنتهى المطل”… ليصير معنى “أگادير” هو “المنتهى المطل للمرتفع/الجبل”…
ولعلها نفس المعطيات الطپونيمية واللغوية المحلية لبلاد “تيمّوزغا” هي التي قادت هؤلاء المؤرخين واللغويين إلى التوصل بأن اسم “روزادير” (Rusaddir)، الاسم الفينيقي القديم لمدينة “مليلية” المحتلة، لم يُحَوَّر سوى من “روزادِّير” (Rusadder)، المحوَّر بدوره من “روزيگادار” (Rusigada-r)… علما بأن الاسم الملحق “روز” (Rus) يحيل على “الرأس” و”القمة” في اللغة “البونية” (punique) القديمة…

بل ومن المؤرخين والمهتمين من يذهب أبعد من ذلك، ليُقِرّ بأن اسم مدينة “قادس” (غاديش أو غادس) (Gades/Gadis/Cadis/Cadix) الإسپانية، الفينيقية التأسيس على السواحل الأطلنتية للجزيرة الايبيرية، لم يكن سوى تحويرا لاسم “گادير” (Gader)، والمأخوذ بدوره من الطپونيميا الأمازيغية “أگادير”…

إنها معطيات طپونيمية وتاريخية ولغوية دالة على استقرار ضارب في التاريخ القديم ببلاد “تيمّوزغا”، وبهذه الربوع على الخصوص، وتؤكد صعوبة اختزال تاريخ “أگادير” كمنفذ تاريخي مهم “بإقليم سوس” في لحظات الزلزال المدمر ل 29 فبراير 1960، أو في رسو البارجة الألمانية (Panther) في يوليوز 1911، أو التواجد البرتغالي المحدود النطاق زمنيا ومكانيا مطلع القرن السادس عشر… وهو ذلك التاريخ الممتد امتداد “سوس” كمجال انصهرت فيه الهوية والتاريخ والجغرافيا واللغة، ليحتفظ بخصوصية منيعة، كانت منطلق قيادات وزعامات سياسية تعاقبت على حكم المغرب الوسيط والحديث، بدءا بالمرابطين، ومرورا بالموحدين، ووصولا إلى السعديين كما تؤكد جميع المصادر والمراجع التاريخية. قبل أن تدخل المنطقة فترة حصار دام زهاء قرن ونصف من الزمن خلال العصر الحديث، بعد إغلاق هذا المنفذ البحري الهام من طرف السلطان العلوي محمد بن عبد الله، في إطار النزاع مع بعض الزعامات المحلية، منذ سنة 1765 إلى غاية 1929 سنة إعادة فتحه على يد السلطات الاستعمارية، مما ساهم في إعادة الحياة الاقتصادية نسبيا إلى قطر سوس بربوعه الداخلية.. وعاصمته الأزلية “تارودانت”..

*أستاذ

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت