بقلم: يوسف الطالبي
كنار في قش، انتشر خبر اعتقال رئيس القسم الاقتصاد والتنسيق متلبسا بتسلم رشوة بقيمة مائة وعشرين ألف درهم على إثر كمين نصتبته له النيابة العامة بتنسيق مع مستثمر كان ضحية ابتزاز من طرف الموقوف. طيلة اليوم هيمن خبر الاعتقال على حديث كل الأوساط، خاصة وأن المنصب الذي يشغله الرجل يشكل نقطة تقاطع جميع القطاعات، فلا يكاد مشتغل في مجال ما لا يجد نفسه مضطرا إلى طرق باب مصلحة الاقتصاد والتنسيق،وبالتالي المعاناة مع التعقيدات والتعذيب والإرهاب النفسيين، وكما شغل خبر الاعتقال المنتمين لمختلف مصالح الدولة، شغل بنفس الدرجة وأكثر، المستثمرين
والمهنيين وعموم المواطنين. فقد كان توقيف المسؤول المذكور زلزالا حقيقيا جعل المطمئنين إلى سلطاتهم ونفوذهم يتحسسون كراسيهم تحت مؤخراتهم، وبنفس درجة الاهتمام استأثر الخبر باهتمام الموظفين الذين ذاقوا مرارة وشاياته ومكائده، في حين ولد الحدث مشاعر ارتياح وانشراح لدى أوساط اجتماعية عريضة خاصة ممن
لحقهم شيء من قهر الرجل وجبروته، ونوعا من الانتصار لمناصري الديمقراطية ودولة الحق والقانون.
وقد عمر المعني بالأمر في منصبه على رأس المصلحة فترة طويلة ناهزت خمسة وعشرين سنة، عرفت فيها المدينة مجيء ورحيل أعداد كبيرة من الاسماء على مستوى جميع أنواع المسؤولية، من العمال والولاة والمجالس الجماعية ومسؤولي المصالح الخارجية للوزارات والمسؤولين المدنيين والعسكريين، إلا أن المسؤول عينه ظل بمنأى عن أي تنقيل، حتى ساد اعتقاد بدرجة يقين، أنه يستند إلى دعم أطراف من جهات عليا، حتى أنه لما تم تنقيله في شكل حدث عارض إلى عمالة إقليم الخميسات لم يلبث أن تمت إعادته إلى منصبه بسرعة غريبة.
لم يكن خبر الاعتقال أن يمر عابرا بالنسبة لمهنيي سيارة الاجرةب مراكش، فقد كان الرجل دائما إحدى العقبات التي لم يستطيعوا التغلبعليها من أجل الوصول إلى تحسين شروط ممارسة مهنتهم بما يرضي الزبون عن جودة خدمتهم ونفس الآن تأمين مدخول منصف يعطيهما لشعور بالأمان أمام الارتفاع المتسارع لكلفة المعيشة و كلفة الاستثمار في قطاع سيارة الأجرة. لقد ظل مهنيو سيارة الأجرة يشيرون إليه كرئيس لمافيا متحكمة في قطاعهم، مافيا تضم عناصر من داخلالإدارة الترابية وأخرى خارج عنها، مكونة من سماسرة وأصحاب أموال وسخة و “شناقة” في هيئة نقابيين وجمعويين يرفعون يافطة تمثيل المهنيين. بل يجمع الجميع على انتماء شخص صاحب سوابقفي الاتجار الدولي للمخدرات إلى هذه العصابة، فقد كان المسؤول يوفر لهم المعلومة قبل حتى أن تبلغ أصحابها ليسارعوا للاتصال به، وإغرائه بالأموال من أجل التوصل معه إلى عقد يفوض لهم بموجبه حقوقه، مما يجعلهم متحكمين في أسعار تداول مأذونيات النقل في السوق، ويرفع قيمة الوجيبة الكرائية اليومية (الجورني)، تؤثر سلبا على جودة الخدمة المقدمة، بسبب السلوكات التي يضطر السائقون الى ارتكابها – مجبرين –سعيا إلى تغطية المتطلبات التي تذهب الى جيوب آخرين.
ولا يقف نشاط العصابة المتحكمة في القطاع والتي تعمل بتنسيقمع قسم الاقتصاد والتنسيق عند احتكار سوق تداول المأذونيات،بل يتحدث عدد من الضحايا عن حرمان بعض المستفيدين منمأذونيات ومنحها لآخرين، وخصوصا بعض قدماء الجيش، إذ يتكفلسماسرة بالبحث عن عسكريين متقاعدين أو ممن غادروا لأسبابصحية في يتسلمون منهم وثائقهم الشخصية قصد استصدار مأذونيةبأسمائمهم، ليتم تحويلها لغيرهم.
ويأمل المهنيون أن يقود اعتقال المسؤول ذاته إلى فتح تحقيق في الجرائم التي يكون قد ارتكبها في حق قطاع سيارة الاجرة وتصحيح أوضاع مهنتهم وإنصاف المظلومين وذوي الحقوق.