كشف التقرير الأخير لـ”مجلس جطو” عن نتائج المراقبة المنجزة من طرف المجلس الجهوي للحسابات بمراكش لجماعة “أقرمود”،بإقليم الصويرة،ففي المحور المتعلق بتدبير الطلبيات العمومية، سجّل التقرير بأن الجماعة أصدرت،بتاريخ 30 غشت من 2013، سند طلب بمبلغ 119040 درهما (أكثر من 11 مليون سنتيم) لتهيئة مسلك بشاطئ”ابحيبح”،ثم عادت وأبرمت صفقة لتهيئة جزء محدود من الشاطئ نفسه، بقيمة 599998 درهما (حوالي 60 مليون سنتيم)،وهي الصفقة التي صودق عليها،بتاريخ 6 يونيو من 2014،،دون أن يكون هذا المشروع موضوع أية برمجة مسبقة في المخطط الجماعي للتنمية أو على مستوى مقرّرات المجلس الجماعي، كما أن إنجازه لم يتم على أساس أي دراسة تقنية قبلية.
كما أصدرت الجماعة، بين 2013 و 2017، ثلاثة سندات طلب لإنجاز دراسات تقنية،وصلت قيمتها الإجمالية إلى 440508 درهم (أكثر من 44 مليون ونصف المليون سنتيم)،دون إجراء المنافسة القبلية، وأصدرت،خلال الفترة عينها،سندات طلب لإنجاز دراسات تقنية أخرى دون أن تتوفر المصالح الجماعية، لاسيما المصلحة التقنية المختصة، على مخرجات هذه الدراسات التقنية التي تم أداء مصاريفها،وأصدرت الجماعة ثلاثة سندات طلب أخرى مخصصة أساسا لشراء مواد البناء بتواريخ سابقة على التأشير عليها من طرف المحاسب العمومي المختص.
وفوّتت صفقات لمقاولين لا يستجيبون للمعايير المطلوبة، كما أنها لم تنجز تقارير حول تقييم تنفيذ أشغال الصفقتين رقم 1/2013 و1/ 2018، رغم أن مبلغهما تجاوز مليون درهم (100 مليون سنتيم).
وفي الشق المتعلق بتدبير مداخيل هذه الجماعة، المتميزة بشريطها الساحلي و بوفرة أشجار الزيتون والأركَان والخروب،فقد أسفرت مراقبة تدبير الموارد المالية، خاصة الجبائية منها، عن تسجيل مجموعة من النقائص،من قبيل أن دار الضيافة الكائنة بدوار “الباطن” لم تودع الإقرار السنوي بعدد الزبناء والليالي،دون أن تُتخذ ضدها الجزاءات المترتبة عن ذلك،ولم تستخلص الجماعة الرسم المفروض على استغلال 10 سيارات أجرة وسيارتين للنقل المزدوج،والتي تعود لأكثر من عشر سنوات،ورغم تواجد 18 مقلعا،معظمها لاستخراج الرمال بالشريط الساحلي،فإن مداخيل الجماعة لم تتجاوز 438685 درهما (أقل من 44 مليون سنتيم)،خلال 2017،وهو ما أرجعه التقرير إلى عدم قيام الجماعة بإحصاء شامل للشركات المستغلة للمقالع بترابها، وعدم مراجعة تصريحات الملزمين، وغياب مراقبة الكميات المستخرجة ومدى احترامها لرخصة الاستغلال.
أما بخصوص محور ثالث متعلق بالحكامة المحلية بهذه الجماعة، المحدثة في 24 يونيو 1960،والتي تبعد عن الصويرة بـ 56 كلم،فقد سجّل التقرير نقائص شابت إعداد مخطط التنمية وبرنامج العمل،إذ لم يتم تحديد التكلفة الإجمالية للمشاريع المبرمجة في المخطط الجماعي للفترة الممتدة من 2009 إلى 2014، ومساهمة الجماعة وباقي الشركاء في تمويل هذه المشاريع، والبرمجة الزمنية لإنجازها،و لم تبرم الجماعة الاتفاقيات الضرورية لتفعيل أغلب هذه المشاريع على أرض الواقع.
و خلال الولاية الانتدابية الحالية (2015 – 2021)،فقد تأخرت الجماعة في إعداد برنامج عملها والمصادقة عليه،حيث لم يتم عرضه على المجلس للدراسة إلا بتاريخ 6 أبريل من 2017 ،أي بعد حوالي سنتين من بداية الولاية الانتدابية،ولم يجر الرئيس الحالي مشاورات مع المواطنين والجمعيات وفق الآليات التشاركية للحوار والتشاور،ومع الهيئة الاستشارية المكلفة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع،فضلا عن عدم برمجة وتعبئة الموارد الموالية والأوعية العقارية اللازمة لتنفيذ برنامج العمل، وعدم تبرير التوقعات المالية وعدم تناسبها مع قدرات الجماعة.
وعلى مستوى تدبير المصالح الإدارية والموارد البشرية،سجل التقرير تأخر الجماعة في تنزيل الهيكل التنظيمي،و عدم إيلاء الأهمية للتكوين المستمر،ناهيك عن ممارسة مهام متعددة ومتنافية من طرف المصلحة نفسها أو الموظف ذاته، حيث يتولى وكيل المداخيل مهمتين متنافيتين: الوعاء الضريبي وتحصيل المداخيل، وهو ما قال التقرير بأنه “لا ينسجم مع قواعد حسن التدبير”.
وفيما يتعلق بالمراقبة الداخلية،لاحظ المجلس افتقار الجماعة لنظام فعال للمراقبة الداخلية،و نقائص في محاسبة المواد وتدبير المخزن، وغياب نظام لمراقبة تدبير حظيرة السيارات والآليات الجماعية،و عدم تتبع استعمال قنوات الماء الصالح للشرب الموكول تدبيره للجمعيات،في ظل غياب إطار تعاقدي يربط الجماعة بهذه الجمعيات.
في المقابل، أرجع رئيس المجلس الجماعي التأخر في إعداد برنامج العمل إلى نقص الأطر و طول المسطرة الإدارية المعمول بها في هذا الصدد،متعهدا بإيجاد شركاء آخرين لتنزيل البرنامج خلال المرحلة المتبقية من ولاية المجلس، وعزا عدم تنزيل الهيكل التنظيمي لعدم توفر أطر كافية و غياب مراسيم تطبيقية بهذا الخصوص.
وفيما أكد بأن دار الضيافة المشار إليها في التقرير أدت ما بذمتها للجماعة،فإنه أشار إلى أن هذه الأخيرة بصدد إعداد أوامر بالأداء ضد سيارة أجرة وسيارتين للنقل المزدوج في إطار التحصيل الجبري للرسوم الجماعية،وتعهد، بخصوص الرسم المتعلق بالمقالع، بإيجاد السبل الكفيلة للتحقق من الكميات المستخرجة في عين المكان.
وأقرّ الرئيس بأن الصفقة الخاصة بتهيئة جزء من شاطئ “ابحيبح” لم تكن موضوع برمجة قبلية،قبل أن يعود ويشير إلى أنها كانت من ضمن المشاريع المقترحة من طرف الوزارة الوصية.
وأرجع عدم إعمال المنافسة في سندات الطلب إلى تفادي الاحتجاجات المتكررة للسكان، أما الالتزام بنفقات بعد الشروع في تنفيذها، فقد برّره بخطأ غير مقصود في التعامل مع النظام المعلوماتي.
عبد الرحمان البصري (أخبار اليوم)