الطقوس الافريقية في أعمال التشكيلية المغربية زهراء حنصالي

الطقوس الافريقية في أعمال التشكيلية المغربية زهراء حنصالي

- ‎فيجهات
159
6

 

د. محمد البندوري

 

تشتغل الفنانة التشكيلية زهراء حنصالي وفق رؤى تعبيرية تتخذ من التجريد مادة أساسية لبسط مختلف الجماليات التي تحرك الفضاء، وأحيانا تشتغل على شخوصات انطباعية وعلى أشكال تراثية لبسط مجال فني مثقل بالرموز والعلامات. ولا شك أن مختلف عمليات البناء الفني لديها تمر من بؤرة الاختلاف بين معظم المفردات التي تغذي المادة التشكيلية، وذلك بمقصدية توليد الدلالات. ويشكل الإيقاع في أعمالها حسا فنيا يؤثر في السمع وفي النفس خاصة لما يقترن بالشخوصات الانطباعية الافريقية، فالمبدعة قد خصصت حيزا من التراث الافريقي ومن الشخوصات الافريقية في منجزها التشكيلي فأضحى رصيدا فنيا معاصرا يغذي المشهد التشكيلي العام لديها دالا على معاني ترمي إلى تعزيز أواصر الصداقة التي تجمع بين المغرب ودول القارة الافريقية، لذلك اتخذت عمليات توزيع الخطوط والأشكال والألوان منحى آخر في منجزها التشكيلي، فأصبح مجالا جماليا يُكسب العمل الفني حيوية ورشاقة.

 

 

وهي كما تروم التعبير بعمق عما يخالج ذاتها؛ فإنها تتفاعل مع الجهاز المضاميني والمجال الشكلي وفق رؤى وطنية تنم عن حب الوطن والمقدسات الوطنية ووفق الصورة التشكيلية البصرية بإنجازات فنية ذات قيمة تشكيلية وبلاغية، وخصوصيات متفردة وجماليات تؤطرها طاقة الفنانة الإبداعية. إنها بذلك تؤكد قدرتها الإبداعية وقدرتها التحكمية في المادة التشكيلية، وتؤكد كذلك حضورها القوي في الساحة التشكيلية. إنها ترصد مختلف الأبعاد والدلالات الفنية لتغذي بها أعمالها التي تستند إلى مسلك جمالي افريقي، فتحقق بذلك التوازن الإبداعي بين المادة الفنية وتشكيل المكان. إن هذا التأطير الجمالي يستند إلى مجموعة من الأشكال والعلامات المختلفة التي تتسم بكثافتها واستحواذها على معظم الخامة؛ وهي تشكل ترنيمة تستند على التراث الافريقي الغزير وعلى مختلف الطقوس الافريقية لتوليد عدد من المعاني والدلالات. ولا شك أن تكثيف الخامات بحزمة من الأشكال والرموز والعلامات يمنح أعمالها إيحاءات كثيرة، وقدرة على تحويل المنجز التشكيلي الانطباعي إلى مستند جمالي يروم التراث الافريقي في شموليته وفي علاقته بالتراث المغربي. إنه استناد إلى مرجع رمزي وعلاماتي قوي المعالم. وتعد الحركة إحدى الأسس المحركة لأعمال المبدعة بما تحدثه من موسيقى ترسل نبراتها وفق الرؤية البصرية. وهذا ينم عن كون المبدعة مهتمة كثيرا بالصياغة الجمالية بكل مقوماتها الفنية، لتشكل من التعبير الشكلي واللوني فضاء متفاعلا يعج بالحركة ويضمر في طيه مضامين هادفة. وتنتقي الفنانة التشكيلية زهراء حنصالي المفردات التشكيلية بدقة كبيرة وعناية فائقة لتنسجها وفق بنائها الفضائي بغية ترسيم مسلك إبداعي خاص، وأسلوب مغربي افريقي فريد،  جدير بالمتابعة. فكل العناصر الجديدة التي تضيفها المبدعة مما تحمله تقنياتها؛ تجعل أعمالها حمالة لقراءات متوالية. فموهبتها ومراسها الفني يقودانها إلى تطعيم المنحى التشكيلي برؤية جديدة تروم وحدة الشكل والبناء والأسلوب والخطاب؛ لتؤسس مسلكا جماليا يتأسس على خامات خصبة من الشخوصات الافريقية ومن الألوان المتجانسة، والرموز والأشكال والخطوط، لتتمظهر إبداعاتها قوية في النسيج التشكيلي المعاصر.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،