الأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز
يبدو أنّ تسابق الشركات الأجنبية على ثروات تركمنستان وأذربيجان فتح شهية كلّ من “الشركة السعودية للبترول” والتي يملكها ابن الملك عبدلله، ومجموعة “ميرهاف” التي يديرها مسؤول المخابرات الإسرائيلي السابق “يوساف ميامان”.
بحسب المعلومات المسربة، فإنّ موقعًا الكترونيًا فرنسيًا يعنى بالمواضيع الأمنية الدولية قد سرّب معلومات عن مفاوضات تجري “عبر وسطاء” لإبرام شراكة بين الفريقين، يتمّ من خلالها العمل على تطوير حقل “سردار” الواقع بين الحدود التركمنستانية والمناطق الأذربيجانية الغنية بالنفط.
وتشير التقارير الى أنّ حجم المخزون المتوقّع من تلك الحقول يفوق “في أقل تقدير” مليار برميل من النفط الخام، بالإضافة الى عشرين تريلي
ون متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل احتياجات أوروبا للـ66 سنة القادمة.
وتحتل تركمنستان المرتبة العاشرة لإنتاج الغاز في العالم، مما يجعل كلّ من الولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا تتنافس لوضع اليد على تلك المنطقة.
والجدير ذكره، أنّ “ميامان” كان قد عمل لمصلحة الموساد، والذي بدوره، بالإضافة للدور الاستخباري، يملك مجموعة من شركات، تعتبر “ميرهاف” التي يديرها “ميامان” إحداها.
ويشير التقرير الى أنّ ميامان مكث فترة لا بأس بها في وسط آسيا محاولًا تعزيز الوجود الإسرائيلي هناك، عبر تكثيف الحضور الأمني والمخابراتي في تلك المنطقة الغنية بالطاقة في حوض بحر قزوين، الذي يشكّل المركز الاقتصادي لخمس جمهوريات سابقة للاتحاد السوفياتي.
ويفيد التقرير أنّ نشاطات شركة ميرهاف ليست حديثة العهد في تركمنستان، ففي عام 2004 وصفت صحيفة “جوروساليم بوست” ميامان بـ”رائد” المشاريع النفطية في وسط أوروبا. وقد حاز على الجنسية التركمانستانية الفخرية من السلطات الرئاسية بمرسوم خاص من الرئيس “سبار مراد نيازوف”، الذي توفي بعد عامين من إصدار المرسوم.
وبحسب التقارير الاستخباراتية، فإنّ ميامان كان وراء تعيين أول سفير إسرائيلي في تركمنستان، وهو “روفين داينايا”، بتنسيق من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، حيث كان روفين أيضًا عميلًا سابقًا للموساد، يدير عمليات موسكو قبل عام 1996.
وللإشارة، فإنّ تركمنستان وأذربيجان على ترابط تجاري وثيق مع “إسرائيل”، وبعيدًا عن الدور الاستخباري، يحاول ميامان إظهار نفسه كوسيط تجاري بينهما عبر شركته، فيما يتعلق باتفاقية حقل سردار والذي على ما يبدو أنّ حكومتي البلدين قد أكدتا الموافقة على اتفاقيات التنقيب والاستثمار.
بالعودة الى نشاطات مجموعة “ميرهاف”، فإنّ لفروعها في ألمانيا علاقات تعاون نفطي وطيدة مع المملكة بدأت قبل خمس سنوات من البحث في استثمارات حقل سردار، فمايامان كان قد زار الرياض عدة مرات مؤخرًا بجوازات سفر غير إسرائيلية متعددة.
شركة البترول السعودي التي يترأسها تركي بن عبدالله بن عبد العزيز ستكون من أهم شركاء ميرهاف في هذا المشروع الضخم، في إطار مواجهة المنافسة الشرسة من توتال الفرنسية و “اني” الايطالية و”رويال داتش شل” الالمانية و”ب –بي” البريطانية و”لوك – اويل” الروسية و”شيفرون” الامريكية.
كل تلك الشركات تجد ترحيبًا كبيرًا من قبل حكومة عشق اباد، خصوصًا بعد القرار الروسي بوقف استيراد الغاز منها، والذي كان يدرّ مليار دولار شهريًا للخزنة التركمانستانية عبر تصدير ما نسبته 84% من انتاج تركمنستان، والباقي يذهب الى الصين مما جعل تركمنستان تلهث وراء أية صفقة مع أي كان بسبب هذا التوقف المفاجئ للتصدير الى روسيا، مما جعلها بحاجة ماسة الى سيولة بحسب تقارير “ستراتفور” الامريكية للاستشارات الامنية التي ألمحت الى خطورة وقوع تركمنستان في الإفلاس في حال لم تجد مصدرًا سريعًا للسيولة.
وتجدر الإشارة الى أنّ الروس، “المهيمنين” على تلك المنطقة، وبرغم قرارهم هذا إلا أنهم غير سعداء بإدخال شركاء جدد في تلك المنطقة. أما الصين، بشهيتها المتزايدة للطاقة، تسعى وبقوة لتمديد نفوذها هناك وأخذ الدور الروسي والإحلال مكانه، وهو ما لا تعارضه موسكو لأنه يتلاقى مع رغباتها السياسية ولا يتعارض معها. بالإضافة أيضًا الى موافقة روسيا الضمنية على دور إيراني لجارة تركمنستان في إبقاء النفوذ والإمكانات النفطية والغازية ضمن هذا المحور.
لعل جغرافيا وسط آسيا والتنافس الجاري بين دوله الخمس على موارد الطاقة، تتعداه لتتحول الى منافسة خارج تلك المنطقة مما ينذر ببوادر اشتباك على الهيمنة عليها بين أقطاب الاقتصاد في العالم. ودائمًا بحسب “ستراتفور”.
ترجمة حسن غندور / وكالات