في سابقة من نوعها ولأول مرة فتحت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أبوابها للمجلة الفرنسية الذائعة الصيت “جون أفريك”، لتسبر أغوار أهم الوحدات التي يتكون منها قسم المخابرات والاستعلامات، وعلى وجه التحديد معهد تكوين أطر الأمن الحديث النشأة.
هذه المديرية التي يترأسها عبد اللطيف الحموشي منذ سنة 2005، ساهمت بجانب مكتب التحقيقات القضائية المتواجد بسلا في محاربة الإرهاب بشكل فعال، بفضل تدخلات “مجموعة التدخل السريع”.
وتعد هذه المجموعة وفق تعبير الأسبوعية، اليد اليمنى لمكتب التحقيقات القضائية الذي يترأسه عبد الحق الخيام، وهو المكتب الذي فكك حوالي 57 خلية جهادية منذ عام 2015، حيث وصل عدد الاعتقالات إلى 829 معتقلا.
وتشير الأسبوعية إلى أن هذا المكتب وعكس ما كان قديما، عرف بسياسة الانفتاح وإطلاع المغاربة عبر وسائل الإعلام الوطنية الأجنبية بكل جديد.
مقاومة شرسة للإرهاب من داخل مكتب الحموشي
تبنى الملك محمد السادس مبكرا، سياسة تجنب المغرب الإرهاب بشكل فعال، ومن بين أوجه تلك السياسة اتخاذ إسلام وسطي، وتعيين عبد اللطيف الحموشي البالغ من العمر 52 عاما على رأس المديرية العامة للمراقبة التراب الوطني، وذلك بعد تأكده من أن رجل القانون سيكون أهلا للمنصب.
في مكتبه الكبير بتمارة الطابق الثاني، تكتب “جون أفريك”، يتولى الموظف السامي، الذي لم يأخذ إجازة منذ عشرين عاما ولم يجري أي حوار، التنسيق لجميع عمليات مكافحة الإرهاب بتدقيق شديد، لا مجال فيه للخطأ، ويؤهله لهذا معرفته الجيدة بالشبكات الجهادية بالخارج، خصوصا منها المتواجدة في المغرب.
ومما ساعد أيضا في تشديد الخناق على الجماعات الإسلامية المتطرفة، سن المغرب لقوانين صارمة في هذا الإطار، ورفع مستوى اليقضة والتأهب إلى أعلى مستوياته، إلى درجة أثارت انتباه نظراء المغرب الأمريكيين والأوروبيين، وهذا ما جسده قول باتريك كالفار، المسؤول الأمني الفرنسي قائلا: “لقد أنقذ المغرب فرنسا”، وتم ذلك في أعقاب الهجمات الإرهابية على باريس نونبر 2015 حينما منح المغرب معلومات لفرنسا سمحت بتحديد مكان الإرهابي عبد الحميد أبوعود وشركاءه.
وعرجت الجريدة على ضبط المغرب للعديد من الإرهابيين المنتمين لجبهة البوليساريو مند عام 2005، وعلى رأسهم الشبكات التي تسمي نفسها “بالإسلاميين المسلحين، بموريتانيا وليبيا ومالي والنيجر، بالإضافة إلى “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، التي أعلن عنها أبو الوليد الصحراوي، مشيرة إلى عدم تجاوب الجزائر مع نداءت الرباط لتفكيك هذه الخلايا.
غرفة المراقبة بمعهد التدريب بتمارة
غير بعيد عن مكتب الحموشي بتمارة، افتتح الملك محمد السادس في 24 أبريل معهد التدريب المهني للأطر العليا للمديرية العامة، الذي يتعلم فيه حوالي 57 مفتشا بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة لمدة ثمانية أشهر إلى إثنا عشر شهرا، التقنيات الخاصة بالاستعلامات.
الهدف من المعهد هو تدريب 500 من كوادر رجال الأمن في السنة، مع الترحيب بمتدربين أجانب من اثني عشر دولة إفريقية. أساتذة القوة الناعمة الجديدة بالمملكة، يتكونون من مديرين تنفيذيين بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وأساتذة بكليات الرباط والدار البيضاء.
في وصفها للجو الذي يدرس فيه الطلبة كتبت “جون أفريك” “الجو رهباني، منزوع منه أي شيء يمكن أن يعكر صفو الدرس، الطلاب يرتدون أزياء متطابقة تقريبا، حالقي الرؤوس، يخول لهم المعهد تكوينا في مجال التقنيات التكنولوجية و الفكرية”.
داخل غرفة المراقبة أجهزة الكمبيوتر في كل مكان، بالإضافة إلى مكتبة تتكون من كتب متخصصة في القانون، والدين، والتجسس، تعود لسجموند فرويد وإدغار موران.
التدريب داخل المعهد
تحت سقيفة، داخل المعهد يتجمع حشد مكون من 300 شخص يتعلمون الرماية، يتكلفون بمهمة التدخل في الحالات العالية المخاطر، ويستعمل الرماة بنادق القناصة والرشاشة الأمريكية والقنابل الإيطالية ومسدسات ألمانية ونمساوية، وكاميرات حرارية من فرنسا، هؤلاء الرجال مرشحون لأن يتم أستدعاؤهم في أي مسرح عمليات إرهابية. وفق تعبير الجريدة.
في تمارة كما في سلا، عبد اللطيف الحموشي يتابع عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية، ويتعاون مع مدير المكتب الثاني عبد الحق الخيام، ويسهرون على المراقبة الدائمة، ومحاربة الخلايا المتطرفة، ويخططون لاستراتيجيات بعيدة الأمد ومتعددة الأبعاد ينخرط فيها ما هو أمني بما هو متعلق بالدين والتربية.
وفي هذا السياق يقول الخيام: الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تكون إلا إيديولوجية ومن المستحيل أن نقضي عليها خلال عشر سنوات.
مترجم عن مجلة “جون أفريك” عدد 27 ماي – 2 يونيو. بتصرف.