رأي . الرد المعقول على القائد المعزول !

رأي . الرد المعقول على القائد المعزول !

- ‎فيرأي
294
0

 

باستغراب واندهاش تابع الرأي العام الوطني في مختلف وسائل الاتصال التواصل، ردود الأفعال المتباينة حول تصريحات عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المعزول والأمين العام السابق للحزب الأغلبي (العدالة والتنمية)، خلال مؤتمر شبيبة الحزب المنعقد بالرباط في مطلع شهر فبراير 2018، حيث أبى إلا أن يفجر سخطه في من يعتقدهم اغتصبوا منصبي رئاسة الحكومة والأمانة العامة للحزب من بين يديه.
ذلك أنه بفعل ما بات يعتصر قلبه من غل ورغبة في الانتقام، جاءت خرجته الإعلامية مخططا لها، حيث أرادها أن تكون رد الدين لخصومه السياسيين وبعض قيادات حزبه التي تنكرت لفضائله، وشهادة موثقة لإثبات الذات والتذكير بما يشكله من قوة ضاربة، أهلته لحمل حزبه إلى تصدر نتائج الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، قيادة الحكومة لولايتين متتاليتين وبلوغ عديد أطره إلى مناصب سامية لم يكونوا يحلمون بها من قبل، وزراء وكتاب دولة وبرلمانيون وكتاب عامون ورؤساء دواوين وعمداء مدن ورؤساء جماعات…. باعثا رسائل خاصة لجهات مختلفة، ومنبها إلى استعداده للعودة متى رغب الشعب في ذلك حتى من تحت قبره، مستعملا أساليب فجة تبعث على الامتعاض والغضب، وتهدف إلى تعميق الخلافات وتفجير الوضع داخل التحالف الحكومي. وأي سلاح لديه أعنف وأمر من لدغات لسانه؟
فباللسان وحده استطاع تدويخ عقول الأتباع والمناصرين، والتنكيل بالخصوم ومخالفيه الرأي. يؤمن بشدة أنه الأجدر بالتربع على كرسي رئاسة الحكومة والأمانة العامة للحزب، ولا يريد لأتباعه من مستشارين ورؤساء جماعات وغيرهم أن يتعرضوا في غيابه للمضايقات والتهميش أو طردهم من مناصب المسؤولية وحرمانهم بشتى السبل من الدعم المادي وعدم مساعدتهم في حل مشاكل مقاطعاتهم، من قبل عمداء المدن وكل الموالين لرئيس الحكومة والأمين العام الحالي للحزب سعد الدين العثماني…
ولأن تصريحاته ذات خطورة بالغة، فإنها لم تمر دون خضوعها للتمحيص والتأويل من طرف الكثيرين. وفيما رآها أحد المدينين له بحمايته من المثول أمام العدالة في شأن تهمة ثقيلة موجهة إليه، خطابا مباشرا لاستنهاض همم المؤمنين بالديمقراطية والمناضلين من أجل الكرامة والتصدي لإرادة النكوص… هناك من رآها سحابة صيف عابرة لن يكون لها كبير تأثير، وهناك من رآها رقصة ديك مذبوح يترنح من فرط ألم الذبح والخذلان، وهناك من رآها تجسيدا لحالة من التخبط النفسي والهذيان تنتابه من حين لآخر. ألم يسبق له أن أشعل حربا شعواء ضد الرئيس السابق لحزب الأحرار صلاح الدين مزوار، ثم لم يلبث أن تراجع عن اتهاماته مقابل الحفاظ على منصبه إبان تصدع حكومته في نسختها الأولى، ونفس الشيء بالنسبة للأمين العام لحزب الاستقلال السابق حميد شباط؟ فمصلحته الشخصية ومصلحة أبناء عشيرته فوق كل اعتبار. وهناك أيضا من ذهب إلى القول بأن التهجم على كل من عزيز أخنوش الرئيس الحالي للأحرار ووزير الفلاحة، وادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، تحت أنظار ومسامع قيادات حزبية ومسؤولين حكوميين يتقدمهم رئيس الحكومة، لا يمكن تفسيره إلا بأن القوم في الحزب “الحاكم” مستمرون في لعبة ازدواجية الخطاب والتموقع، التي لم تعد خافية على أحد… إذ يعد ابن كيران من الرواد في تقمص دور الضحية، باعتماده لغة المظلومية ونظرية المؤامرة في لقاءاته مع مناصري حزبه عند نهاية الأسبوع، خلال ولايته التشريعية الفارطة؟
بيد أن كل ما أثير من لغط خارج الحكومة لم يكن كافيا لإشفاء غليله وشعوره بلذة الانتصار، مثلما تحقق له من داخل مكوناتها، جراء الإرباك الكبير الذي أصابها وإخفاق رئيسها في حسن تدبير “الأزمة” وتطويق تداعياتها، إذ بلغ الأمر حد مقاطعة وزراء أشغال المجلس الحكومي المنعقد يوم 8 فبراير 2018 احتجاجا على المس بقادة أحزابهم، وزاد من تأزيم الوضع صدور بلاغ عن حزب التقدم والاشتراكية الحليف الوفي لابن كيران، ينتقد إقدام أولئك الوزراء على سلوك يتعارض والمهام الدستورية. بينما جاء بلاغ حزب العدالة والتتنمية مناقضا للحقيقة بادعائه أن الحكومة “متماسكة وتعمل بشكل طبيعي” !
ففي تقديرنا المتواضع، كان يفترض أن يكون الرد الأنسب على الهجوم الاستفزازي لابن كيران، الذي بدا في خرجته كطفل صغير انتزعت منه لعبته المفضلة ولم يجد أمامه من وسيلة لاستردادها سوى الصراخ والشتائم، هو أن يتم تجاهله وعدم الانجرار خلفه نحو معترك يجيد “الرماية” بداخله، والانشغال بما يفيد في إعادة الثقة للمواطنين في العمل السياسي والنقابي والمؤسسات، ومعالجة قضاياهم وهمومهم، التفاعل الإيجابي مع مطالبهم المشروعة والانكباب الجدي على وضع سياسات اجتماعية واقتصادية وفق رؤية شمولية وواضحة، تستجيب لانتظاراتهم وتساهم في رفع التحديات المطروحة، وفي مقدمتها تفعيل مقتضيات الدستور، إصلاح الإدارة ومحاربة الفساد واقتصاد الريع، تحسين الأوضاع المعيشية والارتقاء بجودة التعليم، تجويد الخدمات الصحية والتغطية الاجتماعية، توفير مناصب الشغل للعاطلين والحد من معدلات الفقر والأمية والهدر المدرسي، وتقليص الفوارق الفئوية والمجالية، التي تحول دون تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستقرار والتماسك الاجتماعي…
لقد هرم المغاربة في انتظار لحظة التغيير الحاسمة وضجروا من مسلسل الاستهتار والاستحمار، ولم يعودوا يطيقون العبث القائم والوعود الكاذبة، فيما المال العام يستنزف بدون طائل ولا موجب حق، ومستقبل الأجيال الصاعدة مرهون للمجهول. وأصبح همهم الأكبر، أن يتم اعتماد نمو اقتصادي قوي، قادر على تعزيز البناء الديمقراطي وخلق مناخ تنافسي ملائم لممارسة الأعمال وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، والتوزيع العادل للثروة…
اسماعيل الحلوتي

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت