ذكر بلاغ للديوان الملكي أن الملك محمد السادس، وجه رسالة سامية إلى كل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف، ضمنها جلالته توجيهاته بشأن مواصلة إصلاح الأوقاف العامة، من أجل الحفاظ عليها وتثمينها وحسن تدبيرها.
وفي ما يلي نص بلاغ الديوان الملكي بهذا الخصوص ..
“في إطار العناية الموصولة، التي ما فتئ مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة، الملك محمد السادس، نصره الله، يوليها للحقل الديني، ولاسيما قطاع الأوقاف، وجه جلالته أعزه الله، رسالة سامية إلى كل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والسيد رئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف، ضمنها توجيهاته الرشيدة بشأن مواصلة إصلاح الأوقاف العامة، من أجل الحفاظ عليها وتثمينها وحسن تدبيرها، وذلك اعتبارا لأهدافها النبيلة، ولإسهامها القوي في النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، فضلا عن رمزيتها الروحية، ومكانتها في مجال الأعمال الخيرية وترسيخ التضامن الاجتماعي.
وبهذه المناسبة، ذكر أمير المؤمنين بالمبادرات التي اتخذها جلالته، من منطلق مهامه الدينية والدستورية، للارتقاء بمؤسسة الأوقاف، سواء في ما يتعلق بإطارها القانوني، أو بآليات التسيير والمتابعة الخاصة بها، ومن ضمنها إصدار مدونة الأوقاف، وإقامة المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة.
ومما جاء في هذه الرسالة السامية، على وجه الخصوص : “وتحقيقا لهذه الغاية، نذكركم بداية بالأهداف الأساسية لهذا الإصلاح، ألا وهي الحفاظ على أملاك الأوقاف العامة، والرفع من مردوديتها، والنهوض بها، لضمان إسهامها بقدر أكبر في التنمية المستدامة للبلاد، وذلك وفقا لمقتضيات مدونة الأوقاف ولروح الوقف”.
وبهذه المناسبة، أصدر جلالة الملك، أمير المؤمنين حفظه الله، توجيهاته التالية:
1. نهيب بالإدارة المكلفة بتدبير هذه المؤسسة، إلى إعداد مشروع استراتيجية على المدى الطويل، تهدف إلى تحديث أساليب تسييرها، ورفعه إلى نظرنا السديد، داخل أجل ستة أشهر. ويجب أن يصاغ هذا المشروع في سياق يأخذ بعين الاعتبار، الإكراهات الملزمة والفرص المتاحة على حد سواء. كما ينبغي أن يكون مفصلا بما فيه الكفاية من حيث الأهداف المتوخى بلوغها، والوسائل المسخرة، ونوعية الأداء المنشود، مع تحديد جدول زمني دقيق للتنفيذ.
وينبغي أن تعتمد هذه الاستراتيجية، ضمن أولوياتها، على الجرد النهائي لمجمل الأملاك الوقفية العامة، فضلا عن التدابير الواجب اتخاذها للحفاظ عليها، سواء على المستوى القانوني أو المادي.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن ترتكز هذه الاستراتيجية على سياسة طموحة وواقعية، لاستثمار وتثمين رصيد الأوقاف العامة، مع الحرص على أن تكون كل المشاريع لصالحها.
2. يجب أن تشكل هذه الاستراتيجية، بعد موافقة جلالتنا عليها، مرجعا ملزما للإدارة المكلفة حين وضعها للميزانيات السنوية المتعاقبة، وللمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، في التقييمات الدورية التي ينجزها.
3. لكي تصبح آراء المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، ذات الصلة باحترام الشريعة، ملزمة للإدارة المكلفة بتدبير الأوقاف العامة، فإنها ستخضع، من الآن فصاعدا، لمصادقة المجلس العلمي الأعلى، الذي سيتكفل بإبلاغ قراره لكل من إدارة الأوقاف والمجلس المكلف بالمراقبة.
4. يتعين على إدارة الأوقاف العامة أن تلتزم التزاما تاما بالمساطر وبالإجراءات المتعلقة بتنظيم الميزانية، وبمجال المالية والمحاسباتية، وكذا بتلك المرتبطة بالنفقات العمومية.
5. يجب أن تحرص الإدارة المسؤولة على تدبير الأوقاف العامة على الاستفادة من الملاحظات والتوصيات الوجيهة التي يقدمها المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، والمتمخضة عن عمليات التدقيق والتقييم الموكولة إليه، قصد تصحيح الاختلالات وأوجه القصور التي يتم الكشف عنها.
6. يتعين على المجلس الأعلى لمراقبة ميزانية الأوقاف العامة، أن يعتمد، من الآن فصاعدا، قاعدة التعارض في تقريره السنوي الذي يرفع إلى نظرنا السديد، بتضمينه جزءا مخصصا لأجوبة الوزير المكلف بالأوقاف.
وفي ختام هذه الرسالة الملكية السامية، دعا أمير المؤمنين كلا من وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف للعمل سويا، كشركاء نموذجيين، في جو يطبعه التعاون التام، من أجل تأهيل الأوقاف العامة، وإنجاح عملية الإصلاح والتحديث التي تعرفها هذه المؤسسة العريقة.
كما أكد جلالة الملك على ضرورة احترام التوجيهات الواردة في هذه الرسالة، داعيا إلى تفعيلها الفوري، وإطلاع جلالته مستقبلا على نتائج التقارير السنوية في هذا الشأن، علما بأن التعديلات الضرورية التي ستعرفها الآلية القانونية ذات الصلة ستصدر عما قريب”.