عندما تجرى انتخابات في المجتمعات الديمقراطية، أول ما يحدث هو اعتراف الخاسر بخسارته وقيامه بتهنئة الفائز، وهذا ما يفترض أن يحدث عندنا أيضا!
لا مجال للمقارنة لكن لا بأس بالتذكير.. في نونبر من العام 2012 عندما فاز الرئيس الأمريكي الحالي على منافسه الجمهوري ميت رومني في الانتخابات الرئاسية، بادر رومني بالاتصال بأوباما وهنأه بالفوز، قائلا له بالحرف: أثق في التزامك بمبادئك وآمل أن تحمي الولايات المتحدة!
في المقابل، لم يفوت أوباما أول فرصة ليشكر منافسه رومني ويهنئه على حملته الانتخابية الحماسية ويشيد بالفريق القوي لخصمه أيضا.
في بلدنا.. أعلنت نتائج الانتخابات وعرف كل حزب ما له وما لغيره ولم تصدر أي تهنئة عن أي حزب لحزب آخر ولو على سبيل اللياقة والإيتيكيت الذي يلجأ سياسيونا إلى قواعدهما في مواقف كثيرة، وليس على سبيل التشبه بالمجتمعات الديمقراطية.. لأن الطريق مازال طويلا قبل الوصول إلى هذه المرحلة!
تصريحات مسؤولي حزبي العدالة والتنمية المتصدر، والأصالة والمعاصرة الوصيف، طبعها التوتر وذهبت كلها في اتجاه اتهام الآخر والحرص على التأكيد على استحالة أي تحالف يجمعهما، دون أن نرى أي مهادنة مؤقتة بينهما ولو تحت تأثير الانتشاء بنتائج صناديق الاقتراع!
ليلة إعلان النتائج، سألت الناطق الرسمي لحزب الجرار خلال البث المباشر: لا تهنئة لخصمكم على غرار لا تحالف؟ كان جوابه أن الحزب سيجتمع وسيقرر، قبل أن يكشف الحزب عن تهنئته التي تطلبت اجتماعا لإقرارها والتي جاءت بصيغة الجمع فكانت موجهة لكل الأحزاب بما فيها العدالة والتنمية معتبرا أنه ‘ لا خاسر ولا رابح في البدء والمنتهى’. ولا أدري إن كانت تهنئة حزب الاستقلال لحزب المصباح أيضا استلزمت اجتماعا قبل الكشف عنها أم لا؟!
من جانبه، تجنب حزب التقدم والاشتراكية في بلاغ مكتبه السياسي أمس أن يهنيء رفيقه الحكومي على صدارة الانتخابات على الرغم من تهنئته لمناضليه الذين أحرزوا مقاعد برلمانية في اقتراع السابع من أكتوبر.
التهنئة الوحيدة التي تمت بسرعة ودون تأخر وأمام مرأى وسائل الإعلام المغربية والعالمية، كانت من طرف وزير الداخلية محمد حصاد الذي جعل منها ‘حجة وزيارة’، فكانت تهنئة وهجوما في ذات الوقت على الحزب الفائز الذي شكك في العملية الانتخابية حسب قول حصاد.
لم نسمع حتى الآن أن إلياس العماري اتصل بعبد الإله ابن كيران لتهنئته، ولم مسمع أن ابن كيران الذي رفض حضور مناظرة تلفزية لكي لا يرى العماري قد أثنى على حملة البام ونتائجه، ولم نشاهد صورة لحميد شباط وهو يزور ابن كيران مثلا ليهنئه على غرار صور زياراته للبائعين وغيرهم والتي طبعت حملته الانتخابية.. وقد لا نسمع أو نرى ذلك، لأن أحزابنا مفتقدة للروح الرياضية على ما يبدو وقد تكون مفتقدة لثقافة الاعتراف والحس الديمقراطي أيضا، وعليها أن تفطن إلى أن حماية المغرب وتقدمه لن يتما بالتصادم فيما بينها وتبادل مسؤوليها الاتهامات والقصف بمناسبة وبدونها..
سأختم بالعودة إلى ميت رومني الذي أتذكر أنه بعدما أخبر أنصاره باتصاله الهاتفي لتهنئة أوباما، أخبرهم أيضا عن دور زوجته التي دعمته وشكرها بكل فخر وثقة أمامهم قائلا: كانت ستكون سيدة رائعة جدا..
للأسف، حتى هذا النوع من الاعتراف والشكر العلني غير وارد عند قياداتنا الحزبية.