الحكاية 18 من حكايات الاميرة ذات الهمة..مكيدة الحارث

الحكاية 18 من حكايات الاميرة ذات الهمة..مكيدة الحارث

- ‎فيفن و ثقافة
268
0

 

د محمد فخرالدين
قال الراوي:

ثم ان الحارث ابن عم الاميرة ذات الهمة انتبه و هو يحدث نفسه بصوت مسموع :

ـ نعم وجدته انه هو خادم الاميرة الوفي مرزوق .

إنه ابن مربيتها ومرضعتها أم مرزوق الذي تثق فيه كل الثقة هو اخوها من الرضاعة لان امه أرضعتها معه عندما كانت صغيرة ، لذلك لا يمكن ان تشك فيه لحظة ، ثم إنه غر ساذج يمكن ان يصدق خدعة الحارث ..

قال الحارث و هو يكلم نفسه :

ـ هو الذي سيمكنني من الوصول الى ما اريد و دون ان يعلم بالتأكيد ..

هكذا صمم الحارث أن يطبق ما خططه بالحيلة ، فأرسل غلامه إلى مرزوق ،و طلب منه أن يحضر عنده لأمر مهم يخصه و لا يريد ان يعلم به أحد غيره ..

و لما وصل عنده مرزوق افتعل الحزن و الهموم فلما سأله عن سبب ذلك قال له :

ـ و الله ما أنا قلق إلا في شأن الاميرة ذات الهمة ، و هذا سر لا اريد ان اطلع عليه أحدا غيرك ..

تعجب مرزوق و ظهر عليه القلق الشديد :

ـ قل ياسيدي و لا تخش شيئا فلست ممن يفشي الاسرار ..

قال :

ـ هل تدري ان الاميرة عليلة بداء خطير و هي تداري مرضها و لا تبالي بالدواء الذي وصفوها لها، و قد طلب منها الحكماء الخلود الى الراحة لبعض الوقت فلم تستجب لهم ،و انا اخاف عليها ان بقيت على العناد ..

ثم صادق الحارث مرزوق و استماله بالمال ، و اشتكى له ما به من حب جارف لابنة عمه الاميرة ذات الهمة ، و انها زوجته شرعاً، و هي راضية بذلك كما يعلم الجميع ، فلا يعقل أن يبقيا هكذا منفصلين ، و هو يخاف عليها من الهلاك لكنه لا يمكن ان يراعيها بنفسه للشرط الذي بينهما ..

و كان مرزوق يستمع الى كلامه ، و يود لطيبوبته أن يساعده قدر الامكان ما دام في الامر رضى الطرفين ، و هو في صالح ذات الهمة كما قال الحارث و يمكن ان ينقد حياتها .

قال له مرزوق:

ـ و لكن ما العمل الان يا سيدي ؟

و هذا ما كان ينتظره الحارث فبادره بطلبه ان كان يريد ان ينقذ الأميرة ذات الهمة ، و أعاد عليه نفس الحديث ان الاميرة مريضة و انها لا تبوح بأسباب مرضها لأحد ، و قد نصحها الاطباء فلم تنتصح و هذا العلاج هو الوحيد المتبقي ..

و قال له :

إذا أردت أن لا تهلك الأميرة ،و ان يكون لك الاجر و الثواب .. فانت خادمها ورفيقها منذ طفولتها و ابن مرضعتها الذي تثق فيه، فاعطها من هذا العقار و دعها تنام لمدة ثلاثة ايام و سترى كيف ستعود اليها صحتها و عافيتها ..

ثم أعطاه الحارث زجاجة من ذلك الدواء المُنوِّم ، الذي لو شرب منه جملٌ نقطةً لاستلقى نائماً حولاً كاملا ، و طلب منه ان يعطي منه للأميرة ذات الهمة دون ان تشعربه او تحس ، خوفا من ان تمتنع من تناوله اذا علمت بذلك .

كان مرزوق يعتقد كثيرا في صدق الحارث و قد رآى مقدار حبه لابنة عمه الأميرة ، فاخذ الزجاجة منه و اخفاها بين طيَّات ملابسه، و سار نحو مضارب الأميرة مُتحيِّناً الفرصة التي تعود فيها ذات الهمة من رحلتها للصيد في براري مالطينة ، و تسأله الشرب ..

و عندما عادت ذات الهمة و نزلت عن حصانها و هي في غاية العطش ، فما وقعت عيناها على مرزوق حتى طلبت منه الماء فاستغل مرزوق عدم انتباهها اليه ، فوضع من المحلول المنوم في الماء ثم اعطاها لتشرب ..

و ما شربت الأميرة من الماء ، ووصلت الى حجرتها حتى شعرت بنوم و خدر لا يقاوم ،فاستسلمت للنوم على فراشها ، اما خادمها مرزوق فقد غلق الابواب عليها وسار لحاله ..

أما ما كان من ابن عمها الحارث فقد تسلل الى مخدع ذات الهمة متخفيا عن الانظار و عاشر زوجته ذات الهمة معاشرة الازواج و عاد دون ان ينتبه له احد ،و لا شعر به أحد حتى الأميرة نفسها ..

و استيقظت من نومها العميق بعد أيام ، و استرجعت شريط الأحداث ،فعلمت تمام العلم انها كانت ضحية الشربة التي اخذتها من يد خادمها مرزوق ،و تأكد لها ذلك عندما ارسلت في طلبه في كل مكان فلم تعثر له على اثر ، كما اخبرها الحراس بأنهم رأوه يغادر المدينة في رفقة ابن عمها الحارث ، حينئذ علمت بكل تفاصيل المكيدة التي وقعت فيها ، لكنها احتفظت بالسر و لم تخبر أحدا ..

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت