الاتحاد الاشتراكي و حق تقرير المصير

الاتحاد الاشتراكي و حق تقرير المصير

- ‎فيرأي
224
0

 

رشيد لزرق

إن المنعطف الدستوري الجديد خلق تحولا في الدولة المغربية في المبنى والمعنى، إلا ان الممارسة السياسية لم تواكب هذا التحول الدستوري العميق، في ظل غياب نخبة سياسية لها ثقافة ديمقراطية تترجمها في اطار ممارسة مؤسساتية تبلور فلسفة الدستور و ما تفرضه من حنكة سياسية افقها تكريس المواطنة .
كان مأمولا من حكومة ما بعد ستور2011 أن تكون حكومة مواطنة و بان يعكس برنامجها الحكومي تحقيق الموازنة بين المصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والرمزية المتصارعة والمتنافسة ، برنامج حكومي متسلح بعقل سياسي خلاق، يتسم برصانة تتجاوز النزعة الحزبية الضيقة و تجعل من آلية التشريع تجسيدا لفلسفة المواطنة . بعيدا عن النزعة الإيدلوجية الضيقة الغارقة في الذاتية و التي تميل للضبط تحت مبررات مختلفة.
فبنكيران لا هم له سوى العض على السلطة بالنواجد، الأمر الذي جعله لا يتلاءم مع منطق رئاسة الحكومة .
فالهوس الانتخابي جعل بنكيران يرفض تحمل مسؤوليته السياسية لسياسته اللا شعبية ، و يبرر التنصل من وعوده الانتخابية بوجود قوى هلامية، تبريره هدا يشيع الخوف، متوهما المخيال الشعبي عدم قدرته على الفعل. اذ جعل من خطاب المؤامرة قوتا للاستهلاك الإعلامي، مكنه من تصدير أزمته الداخلية و سلوكاته الغامضة و المتناقضة من أجل الحفاظ على وحدة تنظيمه و اعفاءه من المحاسبة الشعبية. و هذا ما يفسر تجاهله لدعوات ترسيخ الخطاب المؤسساتي العقلاني، وما يتطلبه ذلك من وضوح وإقناع عوض ذلك إنتهج المناورة أسلوبا للبقاء في السلطة.
كلنا شاهد على ممارسة بنكيران الغارقة في تمجيد الذات، وتضارب تصريحاته لاخفاء المعلومات الصحيحة، في الوقت الذي يعمل حزبه على شحن الرأي العام، إما هم، أو قوى الفساد .
في ظل هذا الجو المحموم لم تنتبه حكومتنا أن التحول الدستوري جاء لكي يجيب عن سؤال الوضوح والحرية والديمقراطية وتكريس العدالة الاجتماعية.
في ظل تيهان الحكومة عن الإجابة عن هاته الأسئلة، نجد أن الاتحاد الاشتراكي لم يكن في الموعد، و لم يفي بالمهام النضالية من موقعه في المعارضة، التي كانت تفرض عليه تجديد هويته ليقدم البديل الذي يجيب عن الأسئلة السالفة الذكر، من أجل مواجهة الحكومة المحافظة، و بلورة المخرجات من موقعه في المعارضة تجسيدا تجسيدا لشعار المؤتمر التاسع &معا من أجل لناء مغرب الديمقراطية و الحداثة&.
انقسم الجسد الاتحادي إلى ثلاث تيارات، تيار التسلط التنظيمي المهمين على الأجهزة المسيرة و التيار العائلوقراطي المنشق، و التيار الفكري لأولاد الشعب صاحب الرؤية الخلاقة. بالإضافة الى شردمة المزايدات و المزايدين الذي ارتموا في أحضان قوى التدين السياسي، الذين استغلوا حالة الانحباس السياسي و اتجهوا الى خدمة اجندة بنكيران و عصبته أملا في الاستفادة من الريع الحكومي أو لحماية مصالحهم التي راكموها إبان عشرية التحديث.
أمام هذا الزخم والاختناق التنظيمي بات معه مطلب عقلنة المؤسسات الاتحادية، مطلبا خارجا عن مفكرة تيار التسلط التنظيمي و التيار العائلوقراطي & الانفتاح و الديمقراطية سابقا&. هذا المطلب الذي رفعه تيار أولاد الشعب من خلال وثيقة الاختيار الحداثي الشعبي كاحدى اهم الوثائق الحزبية بعد وثيقة الاختيار الثوري للمهدي بنبركة، و إستراتيجية النضال الديمقراطي لعمر بنجلون. و التي تطالب الضمير الجمعي الاتحادي بالزامية تحيين المشروع و الأداة الحزبية من أجل مواكبة التغيرات السياسية والإجابة على مطالب الجيل الجديد، مشددين على أن قوة الفكرة الاتحادية تتجلى في قدرتها على التجدد المستمر وتقديم الإجابات في كل مرحلة .
فالعقل الاتحادي مدعو إلى طرح خارطة طريق، تضمن مواكبة اللحظة المفصلية التي يعرفها مجتمعنا، عبر تجدد حداثي، يكون أساسه وضوح هوياتي من خلال بلورة خط سياسي يعتمد الوضوح منهجا والديمقراطية أسلوبا ، و الحداثة ممارسة. هدا النهج هو الكفيل بجعل الفكرة الاتحادية حاضنة شبابية واعية متحررة من عقد الماضي، تجعل الفضاء الحزبي، مجالا للإبداع . لكون الفكرة الاتحادية هي اكبر من ان تلصق بشخص أو بفئة، فهي مشروع متجدد عبر الأجيال. هاته الفكرة باتت اليوم حاجة وطنية ملحة تفرض حوارا حقيقيا ذو مصداقية يقوم أولا على اساس نقد ذاتي للتجربة الحالية .
و كذلك المصالحة و التوحد حول خط سياسي عقلاني قوامه هوية واضحة، و ليس اجترار مصطلحات للترويج الاعلامي.
هنا اركز على خطاب الأمل من اجل غد سياسى أفضل حول مآل الأوضاع التي عرفها حزب القوات الشعبية من صراعات هدامة، و الانتقال الى مرحلة الحضور السياسي الفعال، يتسنى فيه لكل الاتحاديات و الاتحاديون الحق في تقرير مصير حزبهم..
و انتشاله من الذاتية الحزبية و من مستنقع الفشل الحالي، باصلاح النظام الداخلي للحزب من أجل استيعاب التطورات الدستورية و مأسسة التيارات ، فالديمقراطية الحقيقة تنطلق من احترام حقوق الاقليات و ضمان تمثيلها في مختلف الأجهزة.
ان تكريس هذه القيم كفيل بفسح المجال للطاقات الاتحادية المبدعة التي تشكل قاعدة للتوافق الاجتماعى والجيلى للانطلاق نحو إصلاحات شاملة ومصالحة بين الأجيال داخل الاتحاد الاشتراكي .

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت