تحويل مكتبات المجالس الجماعية الى قاعات للأفراح

تحويل مكتبات المجالس الجماعية الى قاعات للأفراح

- ‎فيفن و ثقافة
244
0

محمد النواية

تم يوم السبت 14-05-2016 عرض مسرحية “جرب تشوف” لفرقة ورشة ابداع على خشبة المسرح الثقافي بمراكش حيت استمتع الجمهور المراكشي بفرجة فنية افتقدناها منذ مدة مع ثلة من المبدعين المسرحيين الدين عودونا بعطاءاتهم التي تضيف للأمسيات المسرحية جمالا وسحرا بما تقدمه من متعة في اختيار مواضيع تمس عمق الواقع.
تطرح المسرحية اشكالية الكتاب والقراءة بقالب فني ومشاهد ومواقف محبوكة من خلال
واقع المكتبات البلدية والجماعية التي تعرف تردي خطير واهمال كبير يطال جميع مرافقها
ينضاف الى ذلك مشكل القراءة التي عرفت تراجعا مهولا لتخلي الدولة ومؤسسات المجتمع
المدني على الاهتمام بها وغيات البرامج التربوية التي تحفز على القراءة واقتناء الكتب.
في ضل هدا الوضع المعبر عن فشل مسؤولي الشأن المحلي الدين لم يفلحوا حتى في جمع
أزبال الجماعة فبالأحرى الالتفات الى الثقافة التي تسبب لهم أوجاع الرأس بل سيفكرون
في تحويل المكتبات التي تحت نفوذهم الى قاعات للأفراح العالمية تماما كما فعلوا تحت ضغط املاءات الدوائر المالية العالمية ونهجوا سياسة التدبير المفوض لقطاع الأزبال
واهدائه الى الشركات العالمية .في المسرحية سيعترض الموظف صالح على هذه القرار
الذي سيحول المكتبة بما تحتضنه من كموز العلم والمعرفة ومن روائع المتنبي والمعري
والجاحظ وابي تمام وابن رشد وابن خلدون وطه حسين الى أطباق الدجاج المحمر واللحم
والبرقوق والبسطيلة والمحنشة والى ضجيج الشيخات وهز البطون وأجواق الأسواق
وعويل النكافات لكن زوجته ستفرح لهدا الخبر لأنها ستتخلص من تنظيف الخزانة وجمع
الأزبال وتنظيم الكراسي وستحلم باختيار الأطباق والتحكم في الأجواق لمن صالح المسكين
ليس لديه الشجاعة لمواجهة مسؤولي الجماعة وسيستعين ببائع الأخلاق ليعطيه حبات من الشجاعة لمدة زمنية معينة سيجد صالح نفسه في قسم الشرطة وهو في طريقه الى رئيس
الجماعة بسبب مفعول الحبات الذي كان قويا لم يمهله مسافة السكة . سيصبح صالح مدمنا
على حبات الأخلاق يناديه عند الحاجة فمن حبات محو الشجاعة الى حبات المروءة وأحيانا
يخطئ البائع الوصفة فبدل الا مبالاة يعطيه الصراحة وبدل الاتزان يعطيه الخسة والدناءة
وفي كل مرة يعيش مشهدا غريبا الى ان يتيه وينهار ويسأل بائع الأخلاق عما تبقى عنده من أخلاق فيجيبه البائع :
باقي الأمانة والمروءة والهمة والورع والكرامة والصدق والعزة والشهامة الى غير ذلك
من الأخلاق السامية أما الغش والكذب والخيانة والنفاق والحكرة والجهل والسفاهة الخ..
فكل ما يصلني منها ينفذ بسرعة البرق ويستطرد بائع الأخلاق : وقد سمعت هذه الأيام بأن
الجماعة أقدمت على مشروع يهدف الى جمع كل هذه الأخلاق والقائها في شبكة توزيع
الماء كي يشربها كل سكان الجماعة ويهنأ المسؤولون بالصحة والراحة ويرتاح بالهم من
اللدين لا شغل لهم غير الاحتجاج ورغم ذلك لدي الجديد فمع قرب الانتخابات هناك
تعبئة بروموسيون لمدة اربعة أيام على شكل شراب تخص الانتهازية والوصولية والكذب
والتحايل .هذه الصورة التي أصبح عليها واقعنا وقيمنا وأخلاقنا من فرط الجهل والامية
جعلتنا نتبوأ أدنى الدرجات في سلاليم التنمية والمعرفة .
ان الكتاب أصبح منتوجا غريبا في حاضرنا من شدة الإهمال الذي لحقه من الساهرين على
الشأن التربوي والثقافي فالقراءة اصبحت عادة منعدمة بين شبابنا الذي شغلته تقنيات
التواصل الحديثة وتركته يطل على عالمنا المادي الحقيقي من خلال نوافذها المتعددة الألوان
والأطياف وصارت له قنوات وهمية ينقل فيها أصواته وصوره لتبادل التحية والتهنئة
والرسائل الحميمية دون اشباع طبيعي لحواسه ويرسل فيها كل ما تفيض به عواطفه
وجوارحه من اشتياق وحنين ولهف دون الاحساس برد الفعل الآني والشعور بدفيء وحرارة
الآخر. مع هذا الوصع الجديد سيتجه مسؤولو الشأن الوطني والمحلي هذه المرة الى مواكبة
التيار وسيخلقون على الانترنيت مواقع للأخلاق المنحطة والقيم الدنيئة ويطورونها بأساليب
جديدة تسلب للإنسان انسانيته وتجرده من فطريته وترمي به في جحيم الجهل والانحطاط.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت