سلام تكتب ..خجولون منك يا هند ومن والدتك فتيحة

سلام تكتب ..خجولون منك يا هند ومن والدتك فتيحة

- ‎فيرأي
174
6

اعتماد سلام

 

 

 

ملاكي، طيري الغائب، تعالي..!

قد نجوع هنا ولكنا هنا اثنان!
ونعرى في الشتاء هنا ولكنا اثنان..
تعالي يا طعام العمر
ودفء العمر
تعالي إلي!
وكأن لسان حال هند ابنة ‘مي فتيحة’ يردد نفس هذه الكلمات التي صرخ بها عبد المعطي حجازي ذات قصيدة. هند التي فقدت في فتيحة الأم والأب والمعيلة والرفيقة والصديقة والقدوة، ولكم أن تتخيلوا حجم الحزن الذي يسكن من يفقد كل ذلك!!
خجولون يا هند، من الطريقة التي عوملت بها والدتك المكافحة. والدتك التي لم تطالب الدولة بتشغيلها، ولم تتكل على نصيبها من صندوق التكافل العائلي للأرامل إذا فرضنا أنها فعلا كانت تستفيد منه. بل اعتمدت على مهاراتها الشخصية لابتكار طريقة ما للعمل وجني ما تسد به احتياجاتها مهما كان المردود يسيرا، فاختارت بيع بعض الحلويات ودزينات من البغرير في الشارع.. إلى أن جاء يوم صودرت فيه بضاعتها التي على الأرجح مازال ‘مول الحانوت’ ينتظر مستحقاته مقابل موادها الأولية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعرضت للإهانة والضرب كما روت ابنتها لموقع فبرايركوم، وتلك هي ‘الحكرة’ التي يتولد عنها شعور لا يمكن التنبؤ بتداعيات تأثيره في النفس، ويمكن أن تصل هذه التداعيات إلى حد إحراق الجسد دون تفكير أو تريث كما حدث مع فتيحة.
خجولون منك ياهند، لأن كلماتك الحارقة مثل النار التي أحرقت والدتك، لم تحرق قلب أي مسؤول ليتحرك ويحقق في الأسباب التي جعلت امرأة في كامل قواها العقلية تتجرد في لحظة من مشاعرها وتقرر التخلي عن حياتها علانية. تلك المرأة التي جسدت كفاح النساء المغربيات و ‘حداكتهن’ وأجادت صنع الحلويات والفطائر اللذيذة، فخرجت لتبيعها بكل شموخ حتى لو جلست على قارعة السوق. المهم أن لا تمد يدها لأحد!
خجولون يا هند، لأن صرخة الوالدة لم يسمعها أحد، من سيسمعها؟! فالكل كان منشغلا ب ‘الشو’ الذي حدث في مقاطعة التشارك، وذاك موضوع يغري أكثر بالمتابعة، وفيه تشويق أكبر ويشبع الفضول أكثر من موضوع امرأة تجاسرت وهددت بإحراق جسدها احتجاجا وفعلت. ربما لو احتجت عن طريق ‘نطح’ القايد أو أحد أعوانه لنال الحادث بعض الحظ في المتابعة ولو في غياب فنانة مشهورة!
خجولون يا هند، لأن صبيب الإنسانية كان منعدما لدى القايد والأعوان الذين آثروا تصوير الجسد وهو يتلوى وسط اللهيب، وفضلوا توثيق صيحات صاحبته لنشرها عبر الإنترنت بدل الهرولة لمنعها من تنفيذ قرار الحرق، أومساعدتها عندما أقدمت على التنفيذ..!
خجولون منك يا هند، ومن والدتك وهي تصرخ، وهي تحترق، وهي جسد مسجى ينتظر في المستشفى، دون أن يبادر المعنيون بالتدخل العاجل الذي يتطلبه وضعها كما ذكرت في شهادتك.
خجولون يا هند، في حضرة دمعك، وحزنك، ويتمك، وضعفك، وقصر يدك، وخسارتك التي لا تعوض..
خجولون.. أمام فاجعتك، و بتر حلمكما بالسكن في بيتكما الجديد معا بعيدا عن دور الصفيح، لتكملا الحياة بحلوها ومرها معا كما بدأتماها معا.
كيف لنا أن ننصفك وننصف روح الفقيدة؟ كيف لنا أن نهون عليك حرقة البتر ووجع الفاجعة؟ كيف لنا أن ندرك حدادك ونربت على فؤادك المفطور حد التشظي؟ كيف لنا أن نرضي ضمائرنا وألا نكتم صوت الحق في دواخلنا؟ كيف لنا أن نحقق العدالة لك ولوالدتك ولنا؟
كيف؟!
مرة أخرى سنكتفي بالدعاء والكثير من الدمع الذي يستقر في المآقي..
ليرحمها الله

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،