حفيظ كرومي
إنه لأقربُ من الضحك على الذقون، ولأشبه باستصغار لعقول الناس، واحتقار لموادهم الرمادية، أن تخرج سكرتارية لمسابقة غير مسبوقة بالجهة، وتغطي خمسة أقاليم وتعني شريحة واسعة من ممارسي الصحافة والإعلام وأيضا ممن تورطوا يوما في حب هذه المهنة، (تخرج) ببلاغ تستنكر فيه اختفاء استطلاع خاص بجائزة الجمهور، صنف الصحافة المكتوبة، من مجموعة المسابقة على موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك، دون أن تحمل المسؤولية لشخص أو جهة ما.
يستطيع طفل في العاشرة من عمره، أن يشرح لنا كيف أن موقع مارك يسمح فقط للمشرفين على المجموعات، إمكانية تعديل إعداداتها وقبول المنشورات ورفضها، بما فيها الإضافة والحذف لاستطلاعات الرأي، وتناسى السادة في سكرتارية المسابقة، أن مجموعتهم- التي راهنوا منذ البداية على تكديسها بزوار الفايسبوك على اختلاف مشاربهم، وعلى إشاعة اسم الجهة المنظمة والحدث “الكبير- يتحكم بها شخص واحد ووحيد، وهو المسؤول الأخير والأول طبعا عن الشؤون التقنية للمجموعة، وحيث أن البلاغ لم يورد أن حساب المشرف لم يقرصن، فالاتهام موجه إليه قبل أي أحد آخر، ما دام لم ينف الأمر أو يحاول إدخال رواية ما إلى رؤوسنا التي ما عادت تطيق “ارتجالية المبادرة”.
كان مثيرا للاستغراب والسخرية في الآن معا، أن تخرج جهة رسمية دأبت على تنظيم ملتقى محلي للإعلام في ثماني دورات متتالية، ببلاغ صحفي أول لفتح مسابقة الدورة الثامنة للصحفيين الشباب، وتورد فيه أن المسابقة ستتخذ “بعدا جهويا” وأن “دورة الملتقى” تهدف لتشجع الطاقات الشابة “خاصة” العاملة في “الإعلام المحلي”، والمحلي هنا يعني مدينة ورزازات.
تجربة سبع ملتقيات للإعلام المحلي، في نظري، كافية لأن تُكسب منظميها حاسة للنقد وللتصحح والاستدراك في أفق التطوير والتجديد والإبداع، من ناحية المنهجية التنظيمية، وهذا ما غاب في البلاغ الأول الذي أصدره فضاء ورزازات للإعلام والتنشيط الثقافي، الذي جمع بين بغية توسيع فضاء التنافسية بخصوص المسابقة وإضفاء طابع “الجهوية” على الدورة، وبين تخصيص التشجيع “للطاقات المحلية بورزازات”.
ذات البلاغ، أورد من بين شروط قبول إنتاجات الإعلام المكتوب أن تكون في أربع صفحات من نوع A4، مع أن الأمر سيكون على حامل الكتروني وسيتم إرساله عبر البريد الالكتروني ولا مسوغ لاشتراط عدد الصفحات، دون اشتراط نوعية الخط وحجم الكتابة، مع اضافة نسبة المساحة المخصصة للصور إن تعلق الأمر بريبورتاج أو تحقيق صحفي، اذا أرُيد للأمر أن يكون “احترافيا”.
وحول صنف الإعلام الالكتروني، ربما سقط عن الجهة المنظمة معطى أن أصناف الإعلام الالكتروني عديدة ولا يمكن أن تقيم بنفس المعايير وبنفس المعطيات المحددة سلفا، واشترطت كذلك أن يكون مشتغلا في “الجنوب الشرقي”، ولا أدري كيف ستستطيع الجهة المنظمة أن تتفق على الحدود الجغرافية “الرسمية” لهذه المنطقة، وكيف ستستطيع أن تقارن بين مدونة و موقع إخباري متجدد على مدار الساعة ؟
يجب أن نكون واقعيين وواضحين فيما يخص أجناس المنتوجات الإعلامية المقدمة ومتنها الصحفي، ففي نظري المتواضع، أنه لا يمكن الإعتداد المعايير نفسها في تقييم (الخبر الصحفي، ومقال الرأي، والأجناس الكبرى بما فيها التحقيق والريبورتاج والبورتريه…)، ولايمكن أيضا فتح مسابقة في الاعلام المكتوبة دون تقسيم أصناف “الإعلام المكتوب”، أو وضع شروط فرعية للترشيح، فلا يجوز من حيث الموضوعية ولا من حيث الجنس المقارنة بين مقال رأي و ريبورتاج صحفي.
إن المشكل الذي يعانيه المنبر الإعلامي المنظم لمسابقة الصحفيين الشباب بدرعة تافيلالت، أنه لم يستطع الانتقال لموضعة المسابقة بكامل شروطها وموادها، فيمكن لطالب سنة أولى في تخصص الصحافة أن يميز بين المقال الصحفي والأدبي وحتى ذاك الذي لاجنس له، فمن بين المواد المتبارية الآن في صنف المكتوب، مادتان أولى أدبية إبداعية تدخل في نطاق الرياضة الإنشائية، ولاتحوي مصدر او شهادة واحدة او معطى موضوعي واحد ولها الشئ الكثير من أحكام القيمة والذاتية،، مما يسقط عنها اسم “مادة صحفية”، والثانية يمكن أن تكون أي شئ آخر إلا أن نطلق عليها “مادة صحفية”، لأنها أقرب من بحث أكاديمي بإحصائيات وأرقام واستنتاجات ذاتية، وهي الأخرى لا تضم شهادة واحدة او تصريحا خارجيا واحدا ولايمكن تحديد متنها الصحفي.
المادة الأولى التي تحدثنا عنها، أنجزها اسم فاز بالجائزة الأولى في صنف الإعلام المكتوب السنة الفارطة وجائزة الإعلام الالكتروني لنفس الدورة، وهي تحتل الآن المرتبة الأولى في الاسطلاع الخاص بجائزة الجمهور بعدما “ألغاها أحد القراصنة” على حد تعبير محمد هوزان مشرف مجموعة ملتقى الصحفيين الشباب، الذي تشبث بوضع الاستطلاع على مجموعة مغلقة وليس على صفحة.
والجيد في الأمر أن الصحفي الجهبذ سيكون باستطاعته الفوز بجائزة ما خلال هذه الدورة في جميع الأحوال، سواء من خلال الجوائز الرئيسية او جائزة الجمهور التي يبدو أنها ستعود إليه عن استحقاق منقطع النظير، لأن “القراصنة” ربما آمنوا بكفاءته الإعلامية الخارقة وأرادوا إنصافه عبر إزاحة أحد المتبارين عبر “إلغاء” الاستطلاع، وتبعته في ذلك سكرتارية المسابقة التي أعلنت إعادة نتائج التصويت للصفر والبدء من جديد.
السادة المنظمون لم يستطيعوا الفصل بين منطق الحُكم واللعب، وأن يولوا لمسابقة من هذه الطينة كامل الاستقلالية والمهنية، فالبداية لم تكن موفقة وحيثياتها جانبت الصواب على مستويات عديدة، وإني أنتظر أن أتهم بالتشويش ومحاولة “الركوب”، والغرض أني وددت التقعيد لنقاش حول المبادرة كي لا تتكرر أخطاءها عبر الزمن.
إن مبادرة مسابقة الصحفيين الشباب بجهة درعة تافيلالت، تعوزها الموضوعية والعلمية والإحترافية في التنظيم و الإنتقاء والتحكيم والتسيير، فمعايير( المضمون-المصدر-الفكرة-طريقة التناول – الإبداع – الامتثال لقواعد الإعلام…)، التي أعلنتها الجهة المنظمة، لم تظهر في أي بلاغ صدر عنها لحد الساعة أو في أي ممارسة إلى حدود الساعة.