قال الأمير هشام في حوار أجرته معه جريدة لوموند الفرنسية بمناسبةإصدار كتاب عن دار النشر (غراسيه) بعنوان : يوميات أمير منبوذ، سيعرض في المكتبات ابتداء من يوم التاسع من أبريل، أنه في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي بدأ شيئا فشيئا يكتسب حريتيه الفكرية والنقدية. مؤكدا أنه ” لم أكتسبها فقط بل دافعت عنها بشراسة”، وأن ” هذا الكتاب هو تتويج لهذا الفكر الحر الذي أحرص عليه بشدة.”
وأضاف في ذات الحوار ” لقد عشت تحولا تدريجيا إلى أن أصبحت غريبا، ليس في المغرب ولكن غريبا على الأسرة والبيئة التي ترعرعت فيها. لقد شعرت وكأن مرحلة معينة من مساري بلغت منتهاها، ثم إن شيئا ما قد تغير مع “الربيع العربي”، وكل ما كنت أنادي به على مدى سنوات أصبحت له الآن راهنية ضاغطة.”
وأوضح الأمير أنه يريد أن يساهم في تنوير الناس ويشارك في النقاش، مضيفا ” وفي هذه الحالة، أسعى للمساعدة على فهم جزء من تاريخ بلادي المعاصر، خاصة وأني أغوص في ثنايا المحرك الأساسي. قد يقول قائل : ” لقد نبذَتك العائلة وأصبحتَ مهمشا ولذلك تحاول العودة بأي ثمن”. وهذا أبعد ما يكون عن الواقع، لأنه في ثقافتنا لا تكون العودة للحضن بهذا الأسلوب، بل بالدسائس و بالاعتذار وبالتعبير عن الندم.”
وأكد (الأمير الأحمر) أنه “لا أحد يعرف ما ستأتي به الأيام ولكن إذا سنحت الفرصة فلن أتردد في الإدلاء بدلوي، ولا أعتقد أن القصر سيكون صاحب المبادرة. الأمور مرتبطة بمدى تفاعل القوى في لحظة معينة: هل سيتغلب سيناريو القطيعة أم سيناريو التغيير الهادئ ؟ لا أدري ! المؤكد أني غادرت القصر ولن أعود إليه.”
وفي سياق مطلبه بتفكيك ” المخزن” قال هشام “يعتمد المخزن على النظام الملكي لكي يعيش والنظام الملكي بدوره يعتمد على المخزن لكي يعيش كما يحب، إنها علاقة انصهار متبادل لا مناص من إعادة رسمها. لقد دأب الملوك الثلاثة منذ الاستقلال على الحفاظ على هذه الازدواجية، كل واحد بطريقته الخاصة. أنا أعتقد أن المغرب لا يمكن أن يتطور مادام المخزن موجودا، وإذا لم يفعل فالنظام الملكي هو الذي سيدفع الثمن، وهكذا فإن قـتـل المخزن أمرٌ ضروري. إنه سلطة نيو- تراثية تعيق التنمية الاقتصادية لأنها مبنية على الافتراس والقهر، فلا يمكنها تحرير الطاقات الاقتصادية ولا ضخ الماء من العيون. أما العنصر الثاني فهو ضرورة إقامة دولة عصرية حقا يسودها القانون. اليوم لدينا ملكية ولدينا أيضا دستور، وليس لدينا ملكية دستورية.”
ووفق الأمير هشام ” أن الحسن الثاني استطاع أن يدرك أنه كان ماضيا في طريق مسدود. ولكن عندما جاء محمد السادس إلى السلطة ورث وضعا غير مسبوق يطبعه الهدوء والإجماع على الملكية المغربية، حيث مر انتقال السلطة من الأب لابنه بسلاسة كبرى وظروف مواتية جدا، بلا اضطرابات ولا توترات. لقد تردد محمد السادس في البداية ولكن في نهاية المطاف حافظ على نفس المنطق فأخلف المغرب موعده مع التاريخ.”
ولم يترك الأمير هشام الفرصة ليطلق سهامه على السعودية بعدما اتهمها بأنها تستعمر البحرين ، موضحا أنه ” كان مقربا من الأسر الحاكمة في السعودية والأردن، ولكن الاحترام هو أيضا احترام آراء الآخرين. اليوم، تعاتبني هذه الملكيات لأنها تعتبرني شخصا تـنكر لأصوله. لا يوجد أي استثناء مغربي بل فقط ميزة ملكية وهي أن النظام ليس منغلقا بالكامل لأنه يتوفر على صمامات وأنابيب. ولكن أعتقد أن الصمامات ليست واسعة بما يكفي لتخفيف الضغط. إن تغير الأجيال وتغير الطبقة الوسطى وحالة الركود في أوروبا، كلها عوامل جديدة . أما الاستثناء الحقيقي فليس هو المغرب. إن الاستثناء الحقيقي في العالم العربي هو تونس وستظل استثناء، ولكن على العموم فقد تراجعت في المنطقة مشاعر الخنوع وتكسَّر الانصياع للسلطوية فلم تعد قدرا من أقدار السماء.”
ووصف الأمير هشام في ذات الحوار أن “المغرب يعيش متاعب في الصحراء لأنه لا يوجد لديه مشروع للديمقراطية. مشكل الصحراء هو نفسه مشكل المغرب: بدلا التعامل مع الناس على أساس المواطنة، يتم التعامل على أساس الزبونية والمحسوبية، والتي لا تفضي إلى نتائج في نهاية المطاف. أما اللامركزية فإنها ملزمة أن تعتمد بعض مبادئ القانون الدولي. أريد أن أتوقف عند هذا الحد، لأنه إذا تحدثتُ عن ” تقرير المصير” فسوف نقترب بسرعة من أوصاف من قبيل “خيانة الوطن”. ولكن الواضح هو أن هذه اللامركزية يجب أن تنسجم مع القانون الدولي، والباقي مسألة مفاوضات.”