د.محمد فخر الدين
و سار الامير حسن يقطع البرالري و القفار في الليل و النهار قاصدا تونس …
و كان الكل يدعو رب السماوات في أكثر الأوقات لأبي زيد في النجاح في الوصول إلى تونس و رجوعه بالخبر السعيد و رجوعه سالما الى الديار مع مرعي و يحيى و يونس ..
اما أبوزيد فما زال مجدا في السيرحتى أشرف على بلاد حزوة و النير و هي بلاد كثيرة الخيرات واسعة الجنبات ، و كان الحاكم عليها في ذلك الزمان عظيم الشان صاحب ابطال و فرسان و اسمه الدبيسي بن مزيد فقصده أبو زيد و دخل و سلم عليه و مرعي و يحيى و يونس حواليه و قال له :
ـ أطال الله عمرك و رفع مقامك و قدرك ..نحن شعراء حجازية نطوف في البرية و نقصد الأمراء الأجاويد …
فلما سمع هذا الكلام أكرمهم غاية إلاكرام و اقامهم في أحسن الخيام و اقاموا على ذلك مدة عشرة ايام ، و كان ابو زيد في تلك المدة قد عرف احوال البلاد ما فيها من العساكر و الأجناد ن و بعد ذلك و دع الدبيسي و سار قاصدا بلاد المغرب ..
و ما زالوا يقطعون القفار في الليل و النهار ، و كانوا يستريحون بالنهار ويمشون بالليل مدة تسعة ايام على التمام حتى وصلوا الى بلاد العميق و هي بلاد الامير مغامس ، و كان دخولهم في اليوم الخامس ، و لما اقتربوا من الخيام سمعوا اصوات المولدات و دق الطبول تدل على فرح و سرور فقال ابو زيد لأصحابه :
ـ أبشروا بالخير فان أهل الحي منشغلون بعرس لهم و من الصواب ان نقصدهم ….
و كان السبب في دلك انه كان هناك اميران أخوان من أكابر الاعيان اسم الاول عامر والثاني ابو الجود ،و كان لعامر ولد يسمى مغامس فصيح اللسان معتدل القوام ، و كان لأبي الوجود بنت اسمها شاه الريم و كانت في الحسن الى جانب عظيم و كان يضرب بها المثال في ذلك الزمان ..
فاتفق ابو الجود على ان يزوجها بمغامس ابن اخيه لأنه كان يحبه و تم الاتفاق .. إلى ان اغار عدو لهم اسمه نبهان على المكان فالتقاه عامر و ابو الجود بالأبطال و العساكر ، و جرت بينهم حروب تشيب الاطفال انجرح فيها الامير عامر و قتل ابو الجود ..
و كان لعامر خادم من الشجعان يقال له سعيد ، و كان يرعى الجمال بين الروابي و التلال ، و لما رأى تلك الحال و ما حصل لمولاه من الوبال ركب ظهر الحصان و هجم على نبهان، و تبعته الابطال و الفرسان و لم تكن إلا ساعة من الزمان حتى انقض على نبهان و القاه قتيلا على الارض يتخبط بعضه ببعض ، و هزم جيش الاعداء في تلك البيداء ، و رجع الى القبيلة بغنائم جزيلة ، فالتقته النساء بالأناشيد ، و شكره الرجال بالشكر المزيد ورفعوا منزلته الى اعلى مقام ..
و في اليوم الثالت اشتد الالم على الامير عامر فاستقر رايه ان يقيم خادمه مكانه حنى يكبر ابنه مغامس ، و اوصاه امام السادات الاعيان و الأكابر أن يتعهد ابنه حتى يكبر و يزوجه بابنه عمه شاه الريم فعاهده على ذلك بالسمع و الطاعة ..
و بعد ثلاثة ايام شرب عامر كاس الحمام فسبحان من له الدوام ، فغسلوه و دفنوه بالوقار و الاحترام و بكى عليه الخاص و العام ..
و في اليوم التالي جلس سعيد على العرش و أطاعته الاكابر و الأصاغر و قواد الجيش و العساكر ، فداخله الطمع في اختلاس الكرسي ، فعزم على طرد مغامس من الديار و من خالف امره في التعامل معه و لو بالسلام قطع رأسه..
و لما علمت ام مغامس بهذا الامر رحلت هي ابنها من تلك الساعة ، و اقامت هي ولدها في مشارف واد عميق على جنب الطريق و جلسا في ذلك المكان تحت مشيئة الرحمن ……