عبد الرحيم الضاقية
صدر عن دار” إدي ليفر” الفرنسية رواية Le dernier de Hihis من تأليف المصطفى الحبوبي وهي عبارة عن تركيز للذاكرة المفعمة بالشخوص والحكايات ، تتمظهر في شكل مرايا تعكس الموروث الكبير والصغير من حيث قدرته على وشم الذاكرة وترك بصماته عليها . منذ الوهلة الأولى يحملنا الكاتب إلى عوالم جوانية مليئة بالرموز والتحولات المرئية والخفية . تنطلق الرواية من حدث بسيط في تفاصيل يومية داخل أسرة مغربية عادية يتمثل في حوار بين أب وإبن ، ثم تتشعب لتتعزز بحمولات التاريخ المحلي والوطني من خلال تمظهرات عدة أهمها حالة المغرب في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين وما واكب ذلك من أحداث جسام على الصعيدين المحلي والوطني . ويُظهر الروائي الشاب عشقا خاصا لفترة النظام القائدي في المغرب من خلال نماذج محكية بطريقة درامية تتغيى الصورة ومرآتها في نفس الوقت دون التفريط في الموضوع الرابط الآني . إن الذهاب والإياب في ذاكرة الأب الرمزي ثم ذاكرة الابن الذاتي لهي عربون وفاء روائي واحتفاء بالامتداد البيولوجي والوجودي كذلك . كل شيئ يبدأ في الرواية بطقس الحكاية الموحية للبحث عن الجذور المغبونة في الذاكرة التي أغرقتها تفاصيل الحياة اليومية لموظف بسيط خبزه اليومي/ الليلي صحة الناس مع حرق صحته هو عبر زفرات ملونة تخرج دخانا من حنجرته الكاتمة لسر دفين . إن الإحالات النوستالجية على الثقافة الأمازيغية من خارجها توحي بلحمة بيولوجية دفينة ضمن تفاصيل قبيلة (( حاحا )) التي شكلت المدونة الرمزية للرواية ، ومن جماليات النص المحكي محاولات إعادة تمثيل الأحداث تماما كما يجري في غرف التحقيق القضائية . قد تكون الرواية وعالمها الحكائي عقد تصالح موثق مع الماضي / الأنا الدفين في أعماق الأرض المغربية ورسم لمعالم مستقبل آت بتفاصيله المرموزة .
يذكر أن المصطفى الحبوبي مدرس للغة الفرنسية بأسفي منشغل بالصحافة المحلية وعاشق لقراءة التاريخ والفن، يخطو خطواته الاولى في الكتابة بنفس طويل .