مسؤولية الخبير القضائي في التشريع المغربي

مسؤولية الخبير القضائي في التشريع المغربي

- ‎فيرأي
82
التعليقات على مسؤولية الخبير القضائي في التشريع المغربي مغلقة

رياض السباعي

تُعدّ الخبرة القضائية إحدى أهم الآليات المساعدة للجهاز القضائي في المغرب، إذ تُسهم في كشف الجوانب الفنية والعلمية التي تعجز المحكمة عن استيعابها اعتمادًا على القواعد القانونية وحدها. فالخبير، بصفته شخصية تقنية محايدة، يضع بين يدي القاضي عناصر موضوعية تساعده في تكوين قناعته دون أن يتدخل في التأويل القانوني للنزاع، مما يجعله ركيزة أساسية في سير العدالة. غير أنّ هذه المكانة المحورية تجعل من مسؤولية الخبير مسألة دقيقة، نظراً لأن أي إخلال في أداء مهامه قد يمسّ حقوق الخصوم ويزعزع ثقة المجتمع في القضاء، خاصة مع التطور التكنولوجي الذي يعقّد الملفات.

يُنظر إلى المسؤولية قانونيًا على أنها الجزاء المترتب عن الإخلال بالتزام مقرّر، سواء كان هذا الالتزام أدبيًا أو قانونيًا، حيث تكتفي الأخلاقية بتأنيب الضمير، بينما القانونية تُرتّب جزاءات ملموسة عبر القضاء. وتتفرع المسؤولية القانونية إلى جنائية، هدفها حماية النظام العام وتحركها النيابة العامة ضد مرتكب الفعل المجرَّم مع التركيز على نص قانوني صريح ونية جنائية، ومدنية، تهدف إلى جبر الضرر ويباشرها المتضرر مباشرة للمطالبة بالتعويض استنادًا إلى الخطأ والضرر والعلاقة السببية سواء تقصيريًا أو عقديًا. الفارق الجوهري بينهما يتمثل في أنّ الجنائية لا تقبل التنازل أو الصلح لارتباطها بالمجتمع، بينما المدنية تقبل التسوية لكونها مرتبطة بمصلحة خاصة، ويعامل الخبير كموظف عمومي مؤقت في نطاق مهمته.

يخضع الخبير القضائي في المغرب لمجموعة من الالتزامات الإجرائية والأخلاقية كاحترام الآجال والتقيد بموضوع المهمة والحياد، وأي إخلال يفتح الباب أمام مسؤوليته المدنية التي غالبًا تقصيرية طبقًا لقانون الالتزامات والعقود والمواد 77 إلى 106 من قانون المسطرة المدنية. تقوم على الخطأ المهني مثل إغفال معطيات أو تجاوز حدود المهمة أو التأخير، والضرر المادي أو المعنوي كخسارة مالية أو فقدان فرصة، والرابطة السببية المباشرة، مع إمكانية التعويض عن الأضرار كاملة قبل التقادم. أما في الخبرة الاتفاقية فتنشأ مسؤولية عقدية بموجب مواد 263 و264 من قانون المسطرة المدنية، تركز على الوفاء بالالتزامات وعدم كتمان الحقيقة أو الإخلال بالأمانة.

ورغم أهمية التنظيم بقانون 45.00 المتعلق بالخبراء، يفرض تعقّد الملفات تعزيز الضمانات كالتكوين المستمر وشروط التسجيل والرقابة التأديبية والتقييم الدوري لتعزيز الثقة في النظام القضائي. إن مسؤولية الخبير ليست مجرد واجبات مهنية بل حجر أساس لعدالة مبنية على أسس علمية، فكل التزام بنزاهة يعزز فعالية القضاء ويحمي حقوق المتقاضين.

You may also like

حادث خطير بالطريق اوريكا… اصطدام دراجتين ناريتين يخلف وفاة وإصابات خطيرة

طارق أعراب شهدت الطريق الإقليمية RP 2017 بمحاذاة