طارق أعراب
كشفت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عن واحدة من أقوى المداخلات السياسية خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، وهي تستعرض التحول العميق الذي عرفته مجموعة العمران، كاشفة لأول مرة تفاصيل مرحلة كانت فيها المؤسسة على بعد خطوات من الإفلاس.
وقالت المنصوري أن العمران كانت قبل سنوات تعيش وضعاً خطيراً، مثقلاً بالاختلالات والتعقيدات التي جعلتها – خلال فترة رئاستها لجماعة مراكش – تتجنب الخوض في أي نقاش مرتبط بالمؤسسة بسبب حساسية وضعها وتشابك ملفاتها. غير أن انتقالها إلى المسؤولية الحكومية “فرض فتح الصندوق الأسود”، وفق تعبيرها، ووضع المؤسسة أمام أسئلة مصيرية: هل ستُحل؟ هل سيُعوَّل على القطاع الخاص بديلاً عنها؟
وتروي المنصوري أن اجتماعاً حاسماً جمعها بالوزير المنتدب المكلف بالميزانية ووزيرة المالية خلُص إلى ضرورة وضع تصور واضح لمستقبل المؤسسة، قبل أن يقدم رئيس الحكومة مقترحاً تمت إحالته على المجلس الوزاري ونال مصادقة جلالة الملك محمد السادس، ليشكّل ذلك نقطة التحول الكبرى وبداية ورش إصلاحي شامل داخل العمران.
هذا القرار فتح الباب أمام مرحلة جديدة، بدأت – كما أوضحت الوزيرة – بوضع الكفاءات المناسبة في مواقعها وإصلاح أسس الحكامة الداخلية وإعادة ترتيب دواليب المؤسسة. وهي خطوات أثمرت نتائج وُصفت بالقوية والملموسة، أصبحت اليوم شاهدة عليها مختلف المؤسسات والهيئات العمومية التي تعتبر رئيس العمران نموذجاً يُحتذى في التدبير والفعالية.
وأكدت المنصوري أن التجربة أثبتت أن مؤسسة العمران ركيزة محورية في المنظومة العمرانية الوطنية، وأن الاستغناء عنها لم يكن خياراً واقعياً، مضيفة أن النجاح الذي تحقق كان ثمرة قيادة كفؤة ورؤية واضحة وانخراط جماعي من مختلف المتدخلين.
وختمت الوزيرة مداخلتها بالتأكيد على ضرورة استمرار دعم مؤسسة العمران خلال السنوات المقبلة، سواء من طرف الحكومة الحالية أو الحكومات اللاحقة، مع الحفاظ على مستويات عالية من المتابعة والحكامة، معتبرة أن التحول الذي شهدته المؤسسة دليل إضافي على أن “المستحيل ليس مغربياً”، وأن الإرادة السياسية حين تقترن بالكفاءة قادرة على إنقاذ مؤسسات كبرى ودفعها نحو الريادة.