خاص/ آمگالة.. خطوة استراتيجية جديدة لتعزيز العمق الإفريقي للمغرب وترسيخ سيادته في الصحراء

خاص/ آمگالة.. خطوة استراتيجية جديدة لتعزيز العمق الإفريقي للمغرب وترسيخ سيادته في الصحراء

- ‎فيسياسة, في الواجهة
271
0

بقلم: نورالدين بازين

خطوة أخرى استراتيجية جديدة تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة، أعلنت السلطات المغربية رسمياً عن إحداث معبر آمگالة كثاني معبر بري يربط المملكة المغربية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، إلى جانب معبر الگرگرات الحدودي. ويمتد هذا المعبر على مسافة تقدر بحوالي تسعين كيلومتراً، ليربط مدينة السمارة المغربية بمنطقة بئر أم گرين الموريتانية، في مشروع يعكس بوضوح الرؤية الملكية المتبصرة لتعزيز ارتباط المغرب بعمقه الإفريقي وتوسيع فضاءاته التجارية واللوجستية.

هذا الإعلان لا يندرج فقط في إطار توسيع شبكة الربط البري، بل يمثل خطوة نوعية في تعزيز السيادة المغربية على صحرائه وتنزيل فعلي لمفهوم التنمية بالأقاليم الجنوبية. فبعد النجاح الكبير لمعبر الگرگرات في إنعاش المبادلات التجارية مع بلدان غرب إفريقيا، يأتي معبر آمگالة ليؤكد أن المغرب ماضٍ في ترسيخ مكانته كقوة لوجستية محورية بين الشمال والجنوب، وكمركز يربط أوروبا بإفريقيا. كما سيمنح هذا المعبر دفعة قوية لمدينة السمارة التي ستتحول إلى نقطة تلاقي للتجارة الإقليمية ومركز جديد للحركية الاقتصادية.

سياسياً، يحمل قرار إحداث معبر آمگالة رمزية سيادية واضحة، فاختيار المنطقة ليس اعتباطياً، بل يعكس إرادة المغرب في تثبيت حضوره الميداني في فضاء عرف مواجهات تاريخية في سبعينيات القرن الماضي. إنها رسالة موجهة إلى الداخل والخارج على حد سواء، مفادها أن المغرب يبني وحدته الترابية على أسس التنمية والربط والازدهار، وليس على المواجهة أو الخطابات المؤقتة. فالمشاريع الملموسة هي التي تؤكد السيادة وتكرّسها في الواقع.

كما يعكس المشروع عمق العلاقات المغربية الموريتانية وحرص الرباط على تطوير شراكتها مع نواكشوط في إطار رؤية منفتحة على التعاون جنوب–جنوب. فالمعبر الجديد سيعزز سلاسل التوريد، ويساهم في تقليص تكاليف النقل والزمن اللوجستي بين البلدين، وسيفتح المجال أمام تدفقات تجارية جديدة، مما سيعود بالنفع على ساكنة المناطق الحدودية من الجانبين.

وإذا كانت هذه الخطوة تأتي بعد القرار الأممي الأخير الذي كرّس وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي، فإنها تؤكد أن المغرب يسير بثبات في مسار يجمع بين الدفاع عن وحدته الترابية وبناء نموذج تنموي متكامل في أقاليمه الجنوبية. فهو لا ينتظر الحلول السياسية لتفعيل مشاريعه، بل يفرض واقعاً جديداً على الأرض أساسه التنمية والتواصل والانفتاح على إفريقيا.

للإشارة، إن معبر آمگالة ليس مجرد طريق في الصحراء، بل هو تجسيد لرؤية استراتيجية بعيدة المدى، تنظر إلى المغرب كبلد يقود دينامية اقتصادية إفريقية متصاعدة. إنها خطوة إضافية في بناء المغرب الإفريقي، المغرب الذي يربط القارات، ويستثمر في الاستقرار، ويبرهن بالأفعال أن السيادة والتنمية وجهان لعملة واحدة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

الأحزاب السياسية تثمن المقاربة التشاركية للملك محمد السادس في تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي

كلامكم/ وكالات أجمعت الأحزاب السياسية الوطنية الممثلة في