نقطة التربية البدنية بالمدارس الإبتدائية.. بين معاناة الأستاذ وظلم التلميذ

نقطة التربية البدنية بالمدارس الإبتدائية.. بين معاناة الأستاذ وظلم التلميذ

- ‎فيرأي
1311
0

محمد خالد

في مدارس ابتدائية كثيرة عبر المغرب، تتكرر كل موسم دراسي مفارقة غريبة:
تلاميذ يحصلون على نقطة في مادة لم يمارسوها قطّ، وأساتذة يُجبرون على منحها دون أي تقويم فعلي.
إنها معاناة “نقطة التربية البدنية”، تلك النقطة التي تحولت من مقياس للجهد الحركي إلى عبء إداري ورقم إلزامي في منظومة «مسار».

أستاذ تحت ضغط “النقطة المفروضة”

يجد أساتذة التعليم الابتدائي أنفسهم أمام وضع شائك:
لا تُمارَس التربية البدنية فعليًا في أغلب المؤسسات بسبب غياب الملاعب، أو نقص التجهيزات، أو لكون الأستاذ غير مختص في المجال.
ورغم ذلك، يُطلب منه أن يمنح التلاميذ نقطة تقويم لهذه المادة، ويُحمّل مسؤولية إدخالها في النظام الرقمي.

> «نحن نُطالب بتقييم ما لا نُدرّس»، يقول أحد الأساتذة، «وإذا لم نُدخل النقطة، تُمنع الإدارة من استخراج بيانات النتائج».

بهذه البساطة، يتحول التقويم إلى إجراء إداري قسري بدل أن يكون فعلًا تربويًا موضوعيًا.

منظومة «مسار» نظام رقمي يفرض ما لا يُمارَس

تكمن المشكلة التقنية في أن منظومة «مسار» لا تسمح للإدارة بطباعة بيان النقط أو محضر النتائج ما لم تُملأ كل الخانات، بما فيها خانة التربية البدنية.
وهكذا يجد الأستاذ نفسه مجبرًا على إدخال رقم رمزي أو تقديري فقط لتفعيل النظام، مما يجعل النقطة تُمنح لا لأنها تعبّر عن مستوى التلميذ، بل لأنها شرط تقني لعمل المنظومة.

هذا الوضع لا يحرج الأستاذ فحسب، بل يفرغ التقويم من معناه التربوي، ويدفع البعض إلى التساؤل:
هل نُقيّم التلاميذ أم نُرضي النظام الرقمي؟

خطر الفوارق غير العادلة بين التلاميذ

النقطة المفروضة تُنتج اختلالًا في العدالة المدرسية.
ففي حين يمنح بعض الأساتذة نقاطًا عالية تفاديًا لأي توتر مع الإدارة أو الأسر، يختار آخرون علامات متوسطة أو رمزية.
النتيجة؟
تلاميذ تتغير معدلاتهم النهائية بسبب مادة لم تُمارَس أصلاً.

وقد يحدث أن ينجح أو يرسب تلميذ بفارق ضئيل بسبب “نقطة شكلية”، وهو ما يجعل هذه النقطة خطرة تربويًا لأنها تخلق فوارق مصطنعة لا علاقة لها بالمجهود الدراسي الحقيقي.

 

نحو حل منصف وعقلاني

لحل هذا الإشكال المزمن، يقترح عدد من الفاعلين التربويين خطوات عملية، منها:

تعليق نقطة التربية البدنية رسميًا في المؤسسات التي لا تُمارس فيها فعليًا.

تمكين الأساتذة من تبرير عدم الإدراج في “مسار” دون عقوبة إدارية.

إصلاح المنظومة الرقمية لتكون أداة مساعدة لا مصدر ضغط.

تعيين أساتذة مختصين أو متعاقدين جزئيًا لتأطير حصص التربية البدنية في الابتدائي.

 

ليست “نقطة التربية البدنية” مجرد خانة رقمية، بل مرآة تعكس خللًا أعمق في طريقة تدبير التعليم الابتدائي.
فحين تُمنح نقطة بلا تعلم، يُظلم التلميذ ويُتعب الأستاذ، وتفقد المنظومة معناها.
إن الإصلاح الحقيقي يبدأ حين يُعاد الاعتبار للفعل التربوي قبل المعطى الرقمي، وللإنصاف قبل الشكل.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

المنصوري ترد بقوة : ملف تسلطانت ليس من اختصاصي.. والسؤال يجب أن يُوجَّه لوزير الداخلية

محمد خالد في ردّ حازم على الاتهامات التي