بين أوروبا والمغرب… من يُطفئ جدل الساعة الإضافية (GMT+1)؟

بين أوروبا والمغرب… من يُطفئ جدل الساعة الإضافية (GMT+1)؟

- ‎فيرأي
212
0

أنس غفاري

عاد النقاش حول الساعة الإضافية إلى الواجهة في المغرب بعد إعلان الحكومة الإسبانية نيتها قيادة مبادرة أوروبية لإنهاء العمل بالتوقيت الصيفي المتغير. هذا التطور أعاد إلى السطح جدلاً واسعاً في الأوساط المغربية، خاصة بعد مرور سنوات على قرار تثبيت التوقيت الصيفي بصفة دائمة في المملكة، باستثناء شهر رمضان.

وترى الحكومة الإسبانية، وفق ما نقلته وسائل إعلام أوروبية، أن نظام تغيير الساعة مرتين في السنة فقد مبرراته القديمة المرتبطة بتوفير الطاقة، بعدما أكدت دراسات حديثة أن مكاسبه الاقتصادية شبه منعدمة، مقابل أضرار نفسية وصحية متزايدة. المبادرة الإسبانية التي تدعو إلى إلغاء هذا النظام بشكل نهائي داخل الاتحاد الأوروبي، فتحت الباب أمام تساؤلات جديدة في المغرب حول مدى جدوى استمرار اعتماد التوقيت الصيفي، خصوصاً أن التجربة أثارت منذ بدايتها جدلاً مجتمعياً لم يخمد بعد.

في المغرب، يعاني عدد كبير من المواطنين، خاصة الأطفال والتلاميذ والعمال، من صعوبة التكيف مع إيقاع الساعة الإضافية، إذ يضطرون إلى بدء يومهم في ظلام الصباح خلال فصل الشتاء، مما ينعكس على أدائهم النفسي والجسدي. أطباء ومختصون في علم النوم حذروا من أن التوقيت المعتمد يتسبب في اضطراب “الساعة البيولوجية” للإنسان، ما يؤدي إلى مشاكل في النوم، وتعب مزمن، واضطراب المزاج، بل وحتى ارتفاع في بعض المؤشرات المرتبطة بأمراض القلب خلال الفترات التي تلي تغير الساعة.

وتشير دراسات طبية إلى أن الجسم البشري يحتاج إلى استقرار زمني ينسجم مع شروق الشمس وغروبها، وأن أي خلل في هذا الإيقاع الطبيعي يؤثر مباشرة على جودة النوم، والإفرازات الهرمونية، وقدرة التركيز، خاصة لدى الأطفال والمراهقين. كما يحذر خبراء الصحة العامة من أن الاستيقاظ في أجواء مظلمة لفترات طويلة يقلل من تعرض الجسم للضوء الطبيعي، وهو عنصر أساسي لتنظيم الحالة المزاجية والنشاط اليومي.

من جهة أخرى، تدافع الحكومة المغربية عن الإبقاء على التوقيت الحالي باعتباره وسيلة لتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وتسهيل المعاملات مع الشركاء الأوروبيين. غير أن هذا المبرر لم يقنع كثيرين، إذ يرى باحثون في علم الاجتماع أن الفوائد الاقتصادية المزعومة لا يمكن أن تبرر الأضرار الاجتماعية والنفسية، معتبرين أن الزمن ليس مسألة تقنية فقط، بل قضية تمس نمط الحياة وجودتها.

بينما تتحرّك أوروبا لإلغاء الساعة الإضافية، يجد المغرب نفسه أمام لحظة تأمل حقيقية:
هل سيواصل السير في الاتجاه نفسه رغم المتغيرات الدولية، أم يعيد النظر في نظامه الزمني بما ينسجم مع الراحة البيولوجية والاجتماعية للمغاربة؟

إنّ الوقت قد حان لمناقشة هذا الملف بعمق علمي وصحي، بعيداً عن الحسابات التقنية أو الاقتصادية البحتة. فالمجتمع الذي يعيش على إيقاع متوازن وصحي هو في النهاية مجتمع أكثر إنتاجاً واستقراراً. أما الجدل حول الساعة الإضافية فلن يتوقف قريباً، ما دام الأوروبيون أنفسهم يعيدون النظر في جدوى استمرارها.

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

من المدينة الذكية إلى المدينة الإنسانية… رؤية جديدة من مراكش تضع الإنسان في قلب التخطيط الحضري

هيئة التحرير   في إطار الاحتفال باليوم العالمي