تدوينات يونس بن سليمان… حين يتحول الفيسبوك إلى منصة للصراع المؤسساتي بمراكش

تدوينات يونس بن سليمان… حين يتحول الفيسبوك إلى منصة للصراع المؤسساتي بمراكش

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
310
0

بقلم: محمد خالد

قراءة في تصاعد الخطاب السياسي الرقمي وتأثيره على المشهد المحلي

 

لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد فضاءات للتفاعل أو التعبير عن الرأي، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى منابر موازية للإعلان السياسي والمواجهة الاتصالية بين الفاعلين العموميين، خصوصًا حين يتعلق الأمر بقضايا حساسة تمس المال العام وتدبير الشأن المحلي.

نموذج من تدوينات يونس بن سليمان

في هذا السياق، جاءت تدوينات رئيس البرلماني يونس بن سليمان، التي وجه من خلالها انتقادات حادة للفاعل الجمعوي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، لتشكل نموذجًا دالًّا على هذا التحول في علاقة السياسي بالإعلام الجديد.

ففي زمن السرعة الرقمية، باتت التدوينات بمثابة بيانات رسمية غير مؤطرة بالقنوات التقليدية.
تدوينات بن سليمان الأخيرة لم تكن مجرد رد فعل عاطفي، بل صيغت بلغة واثقة ومحكمة، جمعت بين الدفاع عن النفس والهجوم المضاد، ما يجعلها توازي في قيمتها الاتصالية البلاغات الإدارية أو الرسمية التي تصدرها المؤسسات.
لقد أدرك بنسليمان أن الفضاء الرقمي بات ساحة معركة للرأي العام، حيث يتشكل الانطباع الأول عن المسؤولين من خلال ما يكتبونه بأنفسهم، لا من خلال ما تنقله وسائل الإعلام.

الإطار الاتصالي للأزمة

من منظور الإعلام المؤسساتي، فإن لجوء البرلماني بن سليمان إلى صفحته الرسمية عوض بلاغ رسمي صادر عن الحزب الذي ينتمي إليه، يعكس تحولاً في استراتيجيات التواصل السياسي المحلي.
فالمسؤولون اليوم يعتمدون على “المباشر” في الخطاب الرقمي، متجاوزين وساطة الصحافة، ما يمنحهم حرية أكبر في اختيار المفردات والإيقاع والزاوية.
وقد بدا واضحًا في خطاب بن سليمان أنه اعتمد أسلوب المواجهة المباشرة والتحدي العلني، في مقابل الخطاب الحقوقي الذي يتبناه الغلوسي منذ سنوات.

نموذج من تدوينات يونس بن سليمان

و تعكس هذه الواقعة أيضًا كيف تحولت المنصات الرقمية إلى مساحات تعبئة للرأي العام، إذ يجد كل طرف فيها جمهورًا يتفاعل معه ويعيد نشر خطابه، مما يخلق دوامة من “المواقف المتقابلة” التي تتجاوز مضمون النقاش الأصلي إلى صراع رمزي على المصداقية.
وفي هذا السياق، يصبح الفيسبوك ليس فقط وسيلة تواصل، بل أداة ضغط إعلامي تستخدمها الأطراف لتوجيه الرسائل أو لتبرئة الذات أمام المواطنين.

توازن القوة بين الرقمي والتقليدي

من الناحية التحليلية، يمكن القول إن التدوينات الأخيرة ليونس بن سليمان تمثل تحديًا جديدًا لوسائل الإعلام المحلية والوطنية، التي وجدت نفسها أمام مسؤولين يصنعون خبرهم بأنفسهم.
فما كان في السابق يحتاج إلى ندوة أو بلاغ رسمي، بات اليوم يُنشر في جملة على “فيسبوك”، تُحدث صدى واسعًا يفوق في بعض الأحيان ما تحققه المؤسسات الإعلامية الكلاسيكية.

من مراكش إلى المشهد الوطني… فيسبوك يُسيّس الخطاب المحلي

تجربة مراكش ليست معزولة؛ فهي تعكس ظاهرة وطنية متنامية، تتمثل في انتقال الخطاب السياسي المحلي إلى فضاء التواصل الاجتماعي، حيث يتقاطع الإعلامي بالسياسي، وتذوب الحدود بين الرأي الشخصي والموقف المؤسساتي.
لقد أصبح “الفيسبوك” في المغرب منبرًا سياسيًا موازيًا، يختبر فيه المنتخبون والفاعلون الجمعويون قوة خطابهم وتأثيرهم المباشر في الجمهور، في ظل ضعف الثقة في القنوات الرسمية وتراجع الصحافة الورقية.
وهكذا، يبدو أن المستقبل القريب سيشهد مزيدًا من “التدوينات السياسية” التي قد تعيد رسم موازين القوة الاتصالية في المشهد العمومي المغربي.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

تنظيمات إعلامية بمراكش تستعد لمقاضاة شخص اتهم الصحافة المحلية بالرشوة وتطالب بفتح تحقيق حول جودة المنتوجات المعروضة “للوزيعة”

محمد خالد  تشهد الساحة الإعلامية بمدينة مراكش حالة