حين يتحول النقد إلى إنكار… قراءة في خطاب حسن بناجح

حين يتحول النقد إلى إنكار… قراءة في خطاب حسن بناجح

- ‎فيرأي, في الواجهة
229
0

نورالدين بازين

مرة أخرى، يعود حسن بناجح القيادي بجماعة العدل والإحسان إلى مهاجمة الشعارات الوطنية الكبرى، من قبيل “المغرب الصاعد” و*“الدولة الاجتماعية”* و*“التنمية المجالية”*، معتبراً إياها مجرد شعارات تسويقية لا تعبّر عن واقع الإصلاح.


لكن الملاحَظ في خطابه ليس نقده السياسي في حد ذاته، بل نزعة التشكيك الدائمة التي تختزل مجهود دولة بأكملها في منطق الفساد والاستبداد، دون اعتبار لمسار طويل من التحولات البنيوية التي يعيشها المغرب منذ عقدين على الأقل.

إن النقد، في جوهره، فعل وطني نبيل متى استند إلى تحليل واقعي ومعرفة دقيقة بتعقيدات التدبير العمومي، لكن حين يتحول إلى إنكار مطلق لأي تقدم، يصبح أقرب إلى موقف إيديولوجي منه إلى قراءة موضوعية.
فالمغرب اليوم يعيش تحولات حقيقية في مجالات الحماية الاجتماعية، وإصلاح الصحة والتعليم، وتبسيط المساطر الإدارية، وتشجيع الاستثمار الوطني والجهوي، وهي أوراش تنطلق من رؤية مؤسساتية لا يمكن إنكار آثارها المتدرجة على المجتمع.

صحيح أن الفساد والبيروقراطية والاختلالات في المحاسبة ما تزال تحديات قائمة، غير أن التعامل معها لا يكون بتبخيس كل إنجاز، بل عبر تطوير أدوات الرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة من داخل المؤسسات نفسها.
إن التجربة المغربية تراكمية بطبيعتها، تتقدم بخطى محسوبة، وأحياناً مترددة، لكنها ثابتة في اتجاه بناء دولة اجتماعية واقتصاد متوازن يقوم على العدالة المجالية.

من حق بناجح أن ينتقد، لكن من واجب كل فاعل سياسي أو فكري أن يُنصف الواقع حين يتحدث عنه، لأن الإنكار الدائم يغذي اليأس، ولا يبني وعياً نقدياً نافعاً.
وفي لحظة دقيقة يعيشها المغرب بين تطلعات الإصلاح وضغوط الواقع، فإن المطلوب ليس المزيد من التبخيس، بل مزيداً من المسؤولية في الخطاب، حتى لا يتحول النقد إلى إنكار للوطن.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

بتنسيق أمني محكم بين الشرطة القضائية و”الديستي”.. إحباط عملية تهريب ضخمة للمخدرات بإقليم الرحامنة

طارق واعراب في إطار الجهود الأمنية المشتركة لمحاربة