رشيد سرحان
في ليلةٍ كرويةٍ خالدة بمدينة سانتياغو الشيلية، كتب المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة فصلاً جديدًا في سجلات المجد، بتتويجه التاريخي بلقب كأس العالم للشبان 2025، عقب فوزه المستحق يوم الأحد – الإثنين 20 أكتوبر الجاري، على نظيره الأرجنتيني بهدفين دون رد، في نهائي جمع بين القوة والمهارة، والإصرار والعزيمة.
دخل أشبال الأطلس المباراة بثقة الأبطال، تحت قيادة المدرب الوطني محمد وهبي، معتمدين على انضباط تكتيكي صارم وتنظيم دفاعي متين، قابلوه بفعالية هجومية أربكت دفاع “راقصي التانغو” منذ الدقائق الأولى. وبعد احتجاج مغربي على تدخل خشن من الحارس الأرجنتيني ضد المهاجم الزبيري، تحصّل المغرب على ضربة خطأ ترجمها الأخير إلى هدف رائع في الدقيقة الثانية عشرة، بتسديدة سكنت الزاوية اليمنى العليا، معلنة التقدم المبكر للمنتخب الوطني.
لم يتأخر الهدف الثاني كثيرًا؛ ففي الدقيقة التاسعة والعشرين، انطلق عثمان معما في هجمة مرتدة خاطفة من الجهة اليمنى، مرّر من خلالها كرة حاسمة لياسر الزبيري الذي دوّن الهدف الثاني بلمسة فنية هادئة، عمّقت الفارق وأربكت حسابات الأرجنتينيين. ومع نهاية الشوط الأول، بدا التفوق المغربي واضحًا في الفعالية والذكاء التكتيكي، رغم الاستحواذ الأرجنتيني العقيم.
في الشوط الثاني، حاول “التانغو” العودة في النتيجة عبر ضغط هجومي مكثّف، غير أن صلابة الدفاع المغربي، بقيادة الثنائي باعوف وبختي، وتألق الحارس إبراهيم غوميز، أحبطت كل المحاولات. اعتمد وهبي على الانضباط الدفاعي والمرتدات السريعة، محافظًا على توازن الخطوط حتى صافرة النهاية التي أعلنت ميلاد بطلٍ جديد للعالم من أرض إفريقيا.
وبهذا الفوز، أضاف المنتخب المغربي اللقب العالمي إلى سلسلة انتصاراته الباهرة في البطولة، بعدما أطاح بإسبانيا والبرازيل في الدور الأول، ثم تجاوز كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وأزاح فرنسا في نصف النهائي، قبل أن يضع الأرجنتين في قائمة ضحاياه.
تتويج “أشبال الأطلس” في سانتياغو لم يكن مجرد انتصارٍ في مباراة نهائية، بل لحظة فارقة في تاريخ الكرة المغربية والعربية، إذ برهن الجيل الشاب على أن المجد لا يُمنح، بل يُنتزع بالإيمان والجهد والإصرار. وفي المقابل، حلّ المنتخب الكولومبي ثالثًا بعد فوزه على فرنسا، ليُسدل الستار على مونديال شبابي حمل توقيع المغرب بطلاً للعالم.