هل سقط “تصميم التهيئة” لجماعة سعادة في فخ المصالح الضيقة؟

هل سقط “تصميم التهيئة” لجماعة سعادة في فخ المصالح الضيقة؟

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
310
0

بقلم: حكيم شيبوب

يبدو أن تصميم التهيئة الخاص بجماعة سعادة، الواقعة على بعد كيلومترات قليلة من قلب مدينة مراكش، دخل نفقًا معقدًا من الغموض الإداري والتجاذب السياسي.
فبعد أشهر من الإعداد والمشاورات، لا يزال مصير هذا التصميم مجهولًا بين دهاليز الإدارات الجهوية والولائية، وسط مؤشرات تؤكد أن السلطات قد أبدت تحفظات جوهرية على مضامين المشروع، بل هناك من يتحدث عن رفض ضمني غير معلن من طرف المصالح الولائية بجهة مراكش آسفي.

السلطات الولائية تتحفظ… والجماعة تراوغ

مصادر متطابقة تشير إلى أن السلطات الولائية تعاملت مع المشروع بحذر، نظرًا لتعارض بعض مكوناته مع الرؤية الجهوية للتنمية الحضرية لمراكش الكبرى، وخاصة في ما يتعلق بالتوسع العمراني غير المنضبط، ومناطق البناء العشوائي التي تغرق فيها جماعة سعادة منذ سنوات.
لكن ما يثير التساؤل هو أن رئاسة الجماعة، بدل أن تعمل على تدارك الملاحظات التقنية والتخطيطية، اتخذت من الملف منبرًا للمزايدة السياسية، واستغلالًا انتخابيًا في محيطها المحلي، عبر تسويق وعود تنموية فضفاضة، لا تستند إلى أي مصادقة رسمية أو رؤية منسقة مع الجهات المعنية.

تصميم التهيئة.. بين منطق المصلحة العامة والمصالح الخاصة

في الوقت الذي يُفترض أن يكون تصميم التهيئة وثيقة لضبط النمو العمراني وتوجيه الاستثمار، تحوّل في جماعة سعادة إلى ورقة ضغط ومساومة سياسية.
فبين من يسعى إلى تمرير مناطق بناء جديدة تخدم مصالح عقارية محددة، ومن يوظف الملف لخلق “شعبوية عمرانية” تُظهره في صورة “المدافع عن التنمية”، ضاعت الموضوعية التقنية التي يُفترض أن تطبع هذا النوع من المشاريع.
إن ما يجري اليوم، بحسب عدد من المراقبين، ليس سوى تلاعب بالملفات التخطيطية لأهداف انتخابية وشخصية، تُغيب عن قصد مبدأ الشفافية والمسؤولية.

رؤية جهوية غائبة ومشاريع كبرى مؤجلة

في المقابل، تشتغل جهة مراكش آسفي والسلطات الولائية على خطة تهيئة عمرانية كبرى تشمل المدارات الغربية للمدينة، والتي تضم جماعات مثل أولاد دليم وحربيل وسعادة، في إطار تصور شمولي يراعي التوازن البيئي والسكاني والاقتصادي.
هذا المخطط يرتبط مباشرة بمشاريع هيكلية مثل الطريق المدارية الجديدة لمراكش، والطريق السيار نحو آسفي، والمناطق الصناعية واللوجستيكية المزمع إنشاؤها على أطراف المدينة.
وبالتالي، فإن أي تصميم جزئي لجماعة سعادة يجب أن ينسجم مع هذه الرؤية الجهوية المندمجة، لا أن ينفصل عنها لصالح أجندات محلية محدودة.

تأخر يضر بالساكنة والمستثمرين

غياب الحسم في الملف انعكس سلبًا على الواقع الميداني، إذ تعيش جماعة سعادة حالة جمود عمراني واستثماري، فلا مشاريع كبرى ترى النور، ولا الرؤية الحضرية تتضح.
الساكنة تُعاني من فوضى التجزئات غير المهيكلة، والمستثمرون يشتكون من غياب اليقين الإداري الذي يمنعهم من إطلاق مشاريعهم.
وفي ظل هذا الوضع، تكتفي رئاسة الجماعة بالتصريحات والمناورات، بدل أن تقدم توضيحات للرأي العام حول سبب تعثر المصادقة على التصميم، ومن يتحمل المسؤولية في ذلك.

إن ملف تصميم تهيئة جماعة سعادة لم يعد مجرد وثيقة تقنية، بل أصبح مرآة لأسلوب التدبير المحلي، حيث تتقاطع الحسابات السياسية مع المصالح العقارية، وتغيب الرؤية الاستراتيجية.
وإذا استمر هذا النهج القائم على التمويه والمناورة، فإن المنطقة ستظل رهينة العشوائية والتأخر التنموي، رغم قربها من واحدة من أكثر المدن المغربية جذبًا للاستثمار والسياحة.

الكرة اليوم في ملعب السلطات الولائية، التي يُنتظر منها أن تحسم الموقف بشفافية، وتضع حدًا للغموض الذي يلف هذا الملف، خدمةً للمصلحة العامة ولصورة مراكش الكبرى كقطب حضري منفتح ومتوازن.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إيداع برلماني عن الرحامنة سجن لوداية بسبب شيكات بدون رصيد

خولة العدراوي أمر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية