إصلاح الوكالات الحضرية.. رهان المنصوري لتحويل التعمير إلى محرك استثماري

إصلاح الوكالات الحضرية.. رهان المنصوري لتحويل التعمير إلى محرك استثماري

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
586
0

الرباط/ سمية العابر

يشهد قطاع التعمير بالمغرب لحظة مفصلية مع إطلاق إصلاح هيكلي شامل يقضي بإعادة تنظيم الوكالات الحضرية وإحداث اثنتي عشرة وكالة جهوية جديدة. خطوة تقودها وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري، التي تراهن على جعل هذه المؤسسات أداة لتبسيط المساطر ورافعة لجذب الاستثمارات، بدل أن تظل في نظر الكثيرين مجرد جهاز بيروقراطي مثقل بالتعقيدات.

طوال سنوات، ارتبط اسم الوكالات الحضرية لدى المواطنين والمستثمرين بكثرة القيود وتعقيد الإجراءات، ما جعلها في أحيان كثيرة عائقاً أمام الاستثمار العقاري والإنعاش العمراني. اليوم، تسعى الإصلاحات الجديدة إلى تغيير هذه الصورة جذرياً، عبر مقاربة تدمج البعد الإداري بالبعد التنموي.
فالوكالات الجهوية لن تكتفي بدراسة الملفات ومنح التراخيص، بل ستتحول إلى شريك مباشر في إنعاش الاستثمار، من خلال السرعة في معالجة الطلبات، وضمان الشفافية، وتوفير رؤية عمرانية واضحة تواكب حاجيات السوق.

يتوقع الفاعلون في قطاع البناء أن ينعكس هذا التحول إيجاباً على دينامية السوق. فتبسيط المساطر يعني تقليص آجال إنجاز المشاريع، وهو ما سيمنح دفعة قوية للمقاولات المتوسطة والصغرى التي تعاني من طول فترة الانتظار وتعقيد المساطر. كما أن تسهيل الولوج إلى التراخيص وتشجيع وثائق التعمير بالعالم القروي سيفتح المجال أمام مشاريع سكنية واستثمارية جديدة، بما يخلق فرص عمل ويحرك عجلة الاقتصاد المحلي.

نجاح هذا الإصلاح لا يقاس فقط بالهياكل الجديدة، بل أيضاً بمدى قدرته على استعادة ثقة المستثمرين والمواطنين. فالاستثمار يحتاج إلى إدارة شفافة، مستقرة وسريعة، وهو ما تراهن عليه الوزيرة المنصوري من خلال هذه القطيعة مع البيروقراطية التقليدية. ومع إدماج الرقمنة في معالجة الملفات، فإن الرهان أكبر على تقليص الاحتكاك المباشر بين المرتفق والإدارة، ما يحد من التأويلات والممارسات غير المشروعة.

كما أن إحداث وكالات جهوية يندرج كذلك في إطار دعم ورش الجهوية المتقدمة، إذ سيتيح توزيعاً أفضل للقرار العمراني، وتكييف التخطيط مع خصوصيات كل جهة. هذا التوجه سيقلص من الفوارق بين المركز والجهات، ويضمن عدالة مجالية في توزيع المشاريع والاستثمارات، خصوصاً بالمناطق القروية وشبه الحضرية التي كانت تفتقد لوثائق التعمير.

بهذا الإصلاح، تراهن المنصوري على تحويل الوكالات الحضرية من “مصدّر للرخص” إلى قاطرة استراتيجية للاستثمار والتنمية الترابية. غير أن الرهان الأكبر يظل في التنفيذ: فهل ستنجح هذه المؤسسات في كسر صورة الماضي وتقديم نموذج إداري فعال يواكب طموحات المغرب في التنمية المستدامة؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

بيان للأغلبية: الحكومة تتعهد بالحوار والإصلاحات الكبرى لمواجهة مطالب الشباب والأزمات الاجتماعية

سمية العابر أصدرت رئاسة الأغلبية الحكومية بياناً عقب