نورالدين بازين
في حلقة جديدة من برنامجه “كلام في السياسة”، اختار الصحافي توفيق بوعشرين عنواناً مثيراً: “السلطة تخرج العين الحمرا ضد جيل Z”، ليصب جام انتقاداته على رئيس الحكومة عزيز أخنوش، محمّلاً إياه مسؤولية مباشرة عن خروج الشباب المغربي، المعروف بـ”جيل Z”، إلى الشارع.
بوعشرين اتهم رئيس الحكومة بـ”تحريض غير مباشر” على الاحتجاج، مستشهداً بتصريح سابق لأخنوش في أحد البرامج التلفزيونية حين قال إن “المواطنين فرحانين”، معتبراً أن هذه الجملة كانت كافية لإشعال غضب الشباب، لأنها “تُناقض الواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه المغاربة”. وأشار بوعشرين إلى أن هذا الخطاب المتعالي عمّق الهوة بين الحكومة والمجتمع، وظهر وكأنه استفزاز لمشاعر فئة واسعة من المواطنين.
وفي مقطع آخر من الحلقة، مرّر بوعشرين رسالة سياسية مثيرة وقصيرة جدا، عندما استحضر تجربة الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، قائلاً إن “ظهور بنكيران ساهم في تهدئة حركة 20 فبراير”، وكأنه يلمّح إلى أن الرجل لا يزال قادراً على امتصاص غضب الشارع إذا ما عاد إلى المشهد السياسي. هذا الربط بين احتجاجات اليوم وحركة 20 فبراير يُفهم منه أن بوعشرين يحاول إعادة تسويق بنكيران كـ”صمام أمان”، موجهاً رسالته إلى من يهمهم الأمر في السلطة.
وفي هذا السياق نستحضر العلاقة المتينة التي تربط بن كيران ببوعشرين قبل اعتقاله وإغلاق جريدته، حيث كان بوعشرين يرافق بن كيران في كل محطاته السياسية، وكانت آخر محطة حين رافق بوعشرين زعيم العدالة والتنمية وقيادة الحزب إلى مراكش لتقديم العزاء في وفاة محمد بوستة، وكان ضمن وفد البيجيدي آنذاك.
غير أن كثيراً من المتابعين اعتبروا أن الزمن والظرف والسياق الحالي لا يسمح بتصفية الحسابات الشخصية أو السياسية، خاصة وأن بث هذه الحلقة من برنامج بوعشرين جاء مباشرة بعد خرجة بنكيران من مدينة طنجة، حيث شن بدوره هجوماً لاذعاً على أخنوش ومحيطه. هذا التزامن جعل مراقبين يطرحون سؤالاً مشروعاً: هل هناك تنسيق مسبق بين الرجلين، السياسي بنكيران والصحفي بوعشرين، والهدف المشترك هو إضعاف صورة أخنوش؟
خطاب بوعشرين، المتقاطع مع هجوم بنكيران، يضع النقاش في معادلة معقدة: جيل Z الذي يعبّر عن سخط اجتماعي واسع، حكومة أخنوش التي تواجه أكبر اختبار شعبي منذ توليها السلطة، واسم بنكيران الذي يعود إلى الساحة كخيار سياسي محتمل لامتصاص الغضب. وبينما يرى البعض أن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة إعلامية لإحياء رموز من الماضي، فإن آخرين يعتقدون أن عودة بنكيران إلى الواجهة، ولو رمزياً، قد تعكس فراغاً حقيقياً في المشهد السياسي المغربي، وأن التحالف بين خطاب إعلامي حاد وخطاب سياسي مباشر قد يكون جزءاً من تكتيك محسوب لإضعاف موقع رئيس الحكومة.