هيئة التحرير
لم يكن المؤتمر الوطني الثاني لمنظمة شباب الأصالة والمعاصرة، الذي انعقد مساء الجمعة 26 شتنبر 2025 ببوزنيقة، مجرد محطة تنظيمية عابرة، بل شكل مرآة كاشفة لميزان القوى داخل الحزب، خاصة مع بروز رموز جهة مراكش-آسفي ككتلة صلبة في الصفوف الأمامية.
الصور القادمة من القاعة كشفت عن جلوس أربعة قياديين بارزين من الجهة ذاتها (سمير كودار، مولاي هشام المهاجري، أحمد التويزي، وطارق حنيش) في الواجهة الأولى، وهو مشهد يتجاوز البروتوكول التقليدي إلى رسالة بصرية واضحة: هذه الجهة لم تعد رقما عاديا، بل أصبحت محور صناعة القرار الحزبي. ولو حضرت فاطمة الزهراء المنصوري، لكان الحضور الجهوي أقرب إلى الهيمنة الرمزية على المؤتمر.
وسط هذا الترتيب، يبرز لأول مرة اسم طارق حنيش، الذي وجد نفسه إلى جانب سلمى بنزوبير، الذراع الأيمن للمنصوري، في إشارة إلى انتقاله من خانة القيادي الجهوي إلى مرتبة رمزية وطنية. جلوسه هناك لم يكن تفصيلا عابرا، بل إعلان غير مباشر عن بداية ترسيخ موقعه ضمن الدائرة الضيقة للقيادة المركزية، وربما تأهيله لمهام تنظيمية أو سياسية أوسع في المستقبل القريب.
حتى التفاصيل الصغيرة، مثل اختيار اللباس، تحمل دلالات سياسية. فقد ظهر سمير كودار وأحمد التويزي ومولاي هشام المهاجري وطارق حنيش باللون الأبيض، وكأنهم يقدمون أنفسهم ككتلة منسجمة ترمز للنقاء والبدايات الجديدة. هذا التناغم البصري غالبا ما يترجم إلى انسجام في المواقف، ويمنح صورة القوة الجماعية. على النقيض. هذا التناغم في المظهر الخارجي أضفى بعداً آخر على اللقاء، عكس الانسجام في الخطاب والخيارات السياسية، وأوحى برسالة موحدة للرأي العام حول وحدة الصف والهوية المشتركة بين هؤلاء القياديين، في وقت يعرف المشهد السياسي بالجهة دينامية متسارعة.
بهذه القراءة، يصبح المؤتمر أكثر من مجرد لقاء شبابي، بل فضاء لفهم خرائط النفوذ داخل الحزب: كيف تدير جهة مراكش-آسفي شبكتها القيادية؟ وكيف يوظف البام الرموز البصرية لتثبيت موازين القوى؟
إن بروز طارق حنيش في هذا السياق يضعه أمام مرحلة جديدة في مساره السياسي، مرحلة تتجاوز حدود الجهة نحو الوطنية، في وقت يشتد فيه الصراع على مواقع القرار داخل الحزب. والمؤتمرات، في نهاية المطاف، ليست مجرد خطابات أو لوائح مصادق عليها، بل مختبرات دقيقة لرصد إنتاج النخب وتوزيع القوة.