بقلم: نورالدين بازين
حين يخرج نائب رئيس جماعة سعادة في دورة استثنائية ليبشر الساكنة بأن الجماعة تتوفر على وعاء عقاري مهم لإقامة مقر لمجموع الجماعات ومكتب للصحة، فالأمر لا يبدو خبراً عادياً. بل هو اعتراف صريح بأن العقار موجود، وأن الأرض متاحة، ولكن الإرادة السياسية غائبة عندما يتعلق الأمر بأهم استثمار استراتيجي: المدرسة.
أبناء جماعة سعادة، كما هو حال جيرانهم في لوداية، يدرسون في أقسام مكتظة حدّ الاختناق، حيث تتحول قاعات الدرس إلى علب مغلقة يتقاسمها عشرات التلاميذ، وتضيع معها فرص التعلم والتحصيل. ومع ذلك، يصر المجلس على أن يجد للأرض وظيفة غير الوظيفة التي يطالب بها المواطنون منذ سنوات: بناء مؤسسات تعليمية.
أليس من الأولى أن يقترح المجلس هذا الوعاء العقاري على وزارة التربية الوطنية لإنشاء مدرسة أو ثانوية بدل المقرات الإدارية؟ أليس من واجبه أن يطرق أبواب شركات المقالع التي تنهب خيرات المنطقة صباح مساء، ليفرض عليها واجبها الاجتماعي في بناء مؤسسات تعليمية تعيد للتنمية معناها الحقيقي؟
الحقيقة المرة أن المجلس المحلي يبرهن، بشهادة أحد أعضائه، أن العقار متوفر، لكن العقليات ما تزال أسيرة أولويات مقلوبة. فما قيمة مقر إداري فخم إذا كان أبناء الجماعة يقطعون كيلومترات للعثور على كرسي في فصل مدرسي؟ وما جدوى الحديث عن التنمية إذا كانت المدرسة، التي هي أساس كل تنمية، مغيبة عن أجندة المسؤولين؟
اليوم، لم يعد مقبولاً أن يختبئ مجلس جماعة سعادة خلف ذريعة غياب العقار. فبشهادتهم هم، الأرض موجودة، ولكن الاختيار منحرف، والقرار السياسي معطوب. إن المسؤولية الأخلاقية والسياسية تقع مباشرة على عاتق المجلس، الذي فضل كل شيء إلا المدرسة.
الساكنة بدورها تدرك أن التنمية لا تختزل في مقرات إدارية ولا في مكاتب صحية معزولة، بل تبدأ من الفصل الدراسي. ومن هنا، فإن أي تلكؤ أو تجاهل لهذا المطلب الأساسي، لا يُقرأ إلا كخيانة للأمانة الانتخابية، وإهانة لتطلعات المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في ممثليهم.