بلحوضي يكتب: كفى من الصراعات … دعوا مراكش تنهض

بلحوضي يكتب: كفى من الصراعات … دعوا مراكش تنهض

- ‎فيرأي, في الواجهة
444
التعليقات على بلحوضي يكتب: كفى من الصراعات … دعوا مراكش تنهض مغلقة

بقلم: محمد بالحوضي*

إن مدينة مراكش بما تحمله من إرث حضاري عريق ومكانة دولية مرموقة، هي عنوان لهوية وطنية وروح مغربية أصيلة، وواجهة مشرفة للمملكة المغربية الشريفة في أعين العالم، هذه المدينة التي جمعت بين الإرث التاريخي والجمال الرباني الخالص، تستعد اليوم لاحتضان تظاهرات كبرى ستضع وجه الوطن على المحك بما يستوجب من جميع الفاعلين، مؤسساتيين ومدنيين، التحلي بالمسؤولية الوطنية والتجرد من الحسابات الضيقة.

في هذه المرحلة الدقيقة تبرز الحاجة إلى التلاحم المؤسسي بين السلطات الترابية والمجالس المنتخبة، باعتباره الخيار الوحيد لضمان نجاح الرهانات التنموية والتهيئة المثلى لاحتضان الاستحقاقات المقبلة، فالنجاح الذي يحققه السيد رشيد بنشيخي والي الجهة بالنيابة ليس رصيدا شخصيا له، وإنما هو نجاح لمراكش بكاملها، كما أن كل إنجاز يحققه المجلس الجماعي سينعكس إيجابا على صورة المدينة في الداخل والخارج قبل أن ينسب للعمدة فاطمة الزهراء المنصوري، ومن ثم فإن أي محاولة لإشعال الصراعات أو زرع بذور التشويش في هذه اللحظة الحساسة لا يمكن أن تفهم إلا باعتبارها خدمة مباشرة لأجندات مناوئة لمصلحة الوطن، وعداء صريحا لمراكش وأهلها.

إن من أخطر ما يمكن أن تواجهه مراكش في هذه المرحلة هي أن يتسلل إلى المشهد من يحاول تعكير الأجواء باللعب على وتر الملفات ذات الصبغة الاجتماعية، متسترا برداء الغيرة على الصالح العام، بينما الهدف الحقيقي هو اقتناص مكاسب ظرفية أو صناعة مكانة شخصية على حساب مستقبل المدينة، فاستغلال قضايا المواطنين كورقة ضغط أو أداة للمزايدة السياسية، ليس سوى شكل من أشكال الابتزاز الممنهج الذي يضرب في العمق ثقة السكان اتجاه مؤسسات الدولة ويقوض الجهود المبذولة للتحضير الجيد للتظاهرات الدولية التي ستحتضنها المدينة.

إن مراكش وهي على أعتاب احتضان استحقاقات دولية كبرى لا تملك الوقت للانشغال بمعارك جانبية أو الانخراط في سجالات عقيمة تبدد الجهد وتشتت الانتباه عن الأولويات الحقيقية، فمقتضيات المرحلة تفرض تعبئة شاملة وتنسيقا مؤسساتيا محكما، بروح الفريق الواحد، وبمنأى عن المزايدات الفارغة، فالتاريخ لا يسجل إلا مواقف من أدرك حجم اللحظة وأدى واجبه على أكمل وجه، كما لا يرحم من تقاعس عن خدمة مدينته و وطنه في ساعة الحاجة.

على الأحزاب السياسية بمراكش وأبناءها تجاوز منطق التنافس الانتخابي الضيق، وإعلاء المصلحة العليا لمراكش باعتبارها قضية مشتركة تتجاوز الانتماءات، فالرهانات المطروحة تستدعي توافقا سياسيا وانسجاما واسعا بين أغلبية ومعارضة، يترجم على أرض الواقع بما يضمن تحقيق الأهداف التنموية المنشودة، فالقيمة الحقيقية لأي تنظيم سياسي لا تقاس بمدى قدرته على إضعاف خصومه وإنما بمدى إسهامه في خدمة المواطن وحماية صورة المدينة، وتعزيز مكانتها وطنيا ودوليا.

إن الصراعات الانتخابوية لم يحن وقتها بعد، والخوض فيها الآن لا يعكس إلا افتقارا للغيرة الوطنية الأصيلة، وتغليبا لمصالح شخصية أو فئوية على المصلحة العليا، فالمصلحة الوطنية التي تتجسد هنا في نجاح تهيئة مراكش يجب أن تظل أولوية مطلقة ولا مجال للتلاعب بها أو المتاجرة فيها في مزاد انتخابي.

اليوم، المطلوب هو أن يكون الجميع يدا واحدة، وأن تتكامل الرؤى والجهود تحت سقف واحد ألا وهو خدمة مراكش وتعزيز إشعاعها، فكل مشروع متعثر هو انتكاسة للمدينة بأكملها، وكل نجاح محقق هو انتصار جماعي يليق بتاريخ المدنية وطموحاتنا جميعا، ومن هذا المنطلق فإن كل من يسعى لعرقلة المسار أو الكيد للمسؤولين الذين يعملون بإخلاص إنما يضع نفسه في خانة من يعادي توجهات الوطن، لا في خانة المعارض السياسي أوالمدني.

مراكش ليست ملكا لحزب، ولا حكرا على شخص أو مؤسسة بل هي أمانة في أعناقنا جميعا وأي إخلال بهذه الأمانة هو خيانة صريحة لثقة الملك والوطن، لذلك فإن الوعي بحجم اللحظة التاريخية، واستحضار حس المسؤولية الكبيرة، يشكلان خط الدفاع الأول عن المدينة الحمراء ، حبيبة القلب ومهجة العين ، التي تستحق أن تظل في صدارة المدن العالمية.

* فاعل جمعوي

يمكنك ايضا ان تقرأ

فيديو. بوسعيد عبد العزيز يشرف على تسليم عقود محلات سوق الربيع بمراكش

حكيم شيبوب/ تصوير: ف. الطرومبتي أشرف نائب عمدة