هيئة التحرير
في الوقت الذي ترزح فيه مدينة مراكش تحت حرارة مفرطة، وأحياؤها الشعبية تختنق تحت وطأة مشاكل يومية تتعلق بالنظافة والبنية التحتية والملك العمومي، اختار عدد من مسؤولي ومنتخبي المدينة، إلى جانب بعض الوجوه الحقوقية، قضاء عطلتهم الصيفية بين شواطئ إسبانيا وتركيا، وبعض دول آسيا كإندونيسيا وماليزيا، بينما يكتفي آخرون بشقق مكيفة في مدن مغربية ساحلية.
وما يثير التساؤل المشروع لدى الرأي العام، هو التناقض الصارخ بين خطابات هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تخلو من شعارات النضال والدفاع عن المدينة وحقوق الساكنة، وبين الواقع العملي الذي يكشف عن نمط عيش وترف لا ينسجم مع طبيعة مداخيلهم المفترضة، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها المغرب.
البعض ممن يملأ صفحات الفايسبوك بكلام عن الفقر والعدالة الاجتماعية، يظهر فجأة في صور من مطاعم فاخرة في جزر آسيوية، أو بجانب سيارات فارهة مستأجرة في أوروبا، ما يطرح السؤال الجوهري: من أين لك هذا؟
هل من حق المواطن البسيط أن يعرف مصادر تمويل هذا الترف؟ وهل خُصّصت هذه العطل من أموال ذاتية مشروعة أم من تعويضات وامتيازات تُصرف باسم المصلحة العامة؟ وهل النضال يمكن أن يُجمّد بالصيف ويُستأنف عند انخفاض درجات الحرارة؟
وسط هذه التساؤلات، هناك فئة قليلة من المسؤولين والمنتخبين ظلت مرابطة بمراكش، أو اختارت وجهات داخلية متواضعة، معتبرة أن العطلة ليست مناسبة لقطع الحبل السري مع هموم الناس، بل فترة للاسترخاء دون إثقال كاهل المال العام أو اللعب بمشاعر الساكنة.
إن زمن الشفافية والمحاسبة يفرض اليوم أن نعيد طرح السؤال القديم-الجديد: كيف نتحدث عن التقشف ونعطي أمثلة في الترف؟ وكيف نبكي على المدينة بالنهار ونحتفل في صمت خارجها ليلاً؟
الساكنة لا ترفض أن يسافر مسؤولوه والمدافعون عنها، ولكنها ترفض أن تُستغفل.