خولة العدراوي/ تصوير:ف. الطرومبتي
وسط الأزقة الضيقة لمدينة مراكش العتيقة، وتحديدًا بسوق “المضامية” المعروف في الأوساط المحلية بـ”الطالعة”، ما تزال آثار الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل سنة حاضرة بقوة، ليس فقط على جدران المباني المهدمة، بل في نفوس سكانها وحرفييها الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة الإهمال والتهميش بعد الكارثة.
حسين بن قاسم.. صانع تقليدي منسي
من بين المتضررين، يبرز اسم حسين بن قاسم، صانع تقليدي تخصص لعقود في حرفة النقش على النحاس، وهي إحدى الحرف التراثية التي تشتهر بها المدينة. محله الذي كان يزدان بأعماله الفنية الدقيقة، انهار بالكامل نتيجة الزلزال، ليتحول إلى ركام من الطوب والخشب والذكريات. ومنذ ذلك الحين، لم تُتخذ أي خطوة لإعادة بناء محله أو تعويضه.
سوق الطالعة.. تراث ينهار بصمت
سوق “المضامية” أو “الطالعة” ليس مجرد فضاء تجاري، بل معلم تاريخي يُجسد هوية مدينة مراكش، ويمثل امتدادًا لحرف تقليدية عريقة. ومع ذلك، فإن الواقع اليوم يشي بكارثة صامتة، حيث ما تزال محلات عدة مهدمة أو محاطة بألواح خشبية، دون أن تشملها أي عملية ترميم جادة أو تدخل عاجل من الجهات المعنية.
في الوقت الذي تتباهى فيه السلطات المحلية بإطلاق مشاريع تجميلية في محيط المدينة العتيقة، يغيب الاهتمام الحقيقي بإعادة الحياة إلى هذه الأسواق التراثية التي تشكل شريانًا اقتصاديًا واجتماعيًا للسكان.
ويطالب المتضررون، ومن ضمنهم حسين، بإيفاد لجان تحقيق للوقوف على حجم الضرر، وتقديم الدعم اللازم من أجل إعادة بناء المحلات، وإنقاذ ما تبقى من الحرف التقليدية في مراكش.
إن ما وقع في الطالعة بعد الزلزال لا يمكن اختزاله في انهيار بنايات، بل هو انهيار لجزء من الذاكرة الثقافية والحرفية للمدينة. ومع كل يوم يمر دون تدخل فعلي، تتسع هوة الفقد، ليس فقط في الحجر، بل في الأمل.