فاس.. ندوة فكرية تستعرض أدوار مسرح الشباب في التمكين والتنمية تمهيدا لـ”جائزة محمد الجم”

فاس.. ندوة فكرية تستعرض أدوار مسرح الشباب في التمكين والتنمية تمهيدا لـ”جائزة محمد الجم”

- ‎فيفن و ثقافة, في الواجهة
208
0

كلامكم/فاس

في إطار فعاليات الدورة الجهوية الرابعة لمسرح الشباب – جائزة محمد الجم، احتضنت دار الشباب القدس بفاس، مساء الخميس 17 أبريل 2025، ندوة فكرية وُسمت بعنوان: “مسرح الشباب من التعبير إلى التمكين التنموي”، نظمتها المديرية الجهوية لقطاع الشباب بجهة فاس–مكناس بشراكة مع فرع جمعية أصدقاء محمد الجم للمسرح بالجهة ذاتها.
وقد عرفت الندوة التي أدار جلستها سفيان بنموسى، المنشط الثقافي ومدير دار الشباب القدس، حضورا متميزا، ضم نخبة من الطلبة والباحثين والممارسين في مجال المسرح، سواء على مستوى التجارب الشبابية أو في حقل الاحتراف، ما منح اللقاء زخما خاصا وحوارا غنيا بين الرؤى النظرية والتجارب الميدانية. فيما تولى تأطير المداخلات، ثلاثة من الأساتذة والباحثين البارزين.

إدريس الذهبي.. من تجربة المسرح الجامعي إلى تأصيل أهمية التكوين

في مداخلته، استعرض الدكتور إدريس الذهبي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب ظهر المهراز، البعد التاريخي لتطور المسرح العالمي، متوقفا عند أهم المدارس المسرحية الكبرى، من الكلاسيكية إلى الواقعية والعبثية وما بعد الحداثة، مبرزا كيف شكلت هذه المدارس مرجعيات عالمية أثرت في التجربة المسرحية المغربية.
وسلّط الذهبي الضوء على أهمية التكوين المسرحي، مؤكدا أن مسرح الشباب لا يمكن أن ينهض بوظائفه الجمالية والاجتماعية دون تكوين ممنهج ومستمر. وشارك الذهبي الحاضرين تجربته الشخصية مع المسرح الجامعي، منذ أن كان طالبا، ثم مشرفا على محترفات المسرح الجامعي بعد التحاقه بهيئة التدريس، مشددا على أن الجامعة المغربية تشكل، إلى جانب دور الشباب، إحدى أهم منصات التأطير المسرحي البديل.

حسن صابر.. شهادات من الذاكرة وتجارب من الميدان

من جهته، استعرض الدكتور حسن صابر، رئيس مصلحة الشباب والرياضة بالمديرية الجهوية، تجربة مسرح الشباب من منطلق تأريخي وعملي، مذكرا بأنه من خريجي معهد تكوين الأطر التابع لوزارة الشباب، وكان شاهدا على ولادة أولى التجارب المسرحية الشبابية بالمغرب. وقدم عرضا مصورا يوثق لمحطات بارزة من الذاكرة المسرحية لفاس، من خلال صور أرشيفية لفرق مسرحية مرت من دار الشباب القدس ومن دور الشباب الأخرى بالمدينة.
وأشار صابر إلى أن هذه التجارب أسفرت عن تتويجات وجوائز في محطات محلية وجهوية ووطنية، ما يعكس دينامية مسرحية شبابية خصبة، تستحق مزيدا من الدعم والاعتراف.

محمد العلمي.. من مسرح الهواة إلى التمكين الثقافي للشباب

أما الدكتور محمد العلمي، الفنان والباحث في الإعلام والتواصل، فقد شكلت مداخلته المطولة لحظة نظرية وتأملية بامتياز، استند فيها إلى تجربته الشخصية وموقعه الأكاديمي والمهني، ليقدم تصورا متكاملا حول مسرح الشباب، مبرزا أبعاده الثقافية والتنموية.
وشدد العلمي على أن مسرح الشباب ليس مجرد تجربة عمرية أو فنية عابرة، بل هو مشروع مجتمعي متكامل، يتقاطع فيه التكوين والتنشئة والمواطنة، داعيا إلى اعتباره ركيزة من ركائز السياسات الثقافية الموجهة للشباب.
واستعرض العلمي تجربته سنة 2007 حين شارك في مهرجان مسرح الشباب، مبرزا كيف أن تلك اللحظة شكلت منعطفا في مساره، وأكد من خلالها أن مسرح الشباب ليس فقط منصة تعبير، بل بوابة فعلية للاحتراف الفني. كما توقف عند أهمية دار الشباب، التي اعتبرها “بنية حاضنة للطاقات الإبداعية”، تستحق أن تستعيد ألقها كمؤسسة ثقافية أساس.
في المداخلة ذاتها، انتقل العلمي إلى تحليل المفهوم العميق للتمكين من خلال المسرح، مشيرا إلى أن هذا التمكين لا يُختزل في الدعم المادي فقط، بل يشمل أيضا توفير الفضاءات، وإدماج الشباب في القرار الثقافي، وتثبيت الممارسة المسرحية كمسار مستدام. كما ناقش التحول التاريخي من “مسرح الهواة” إلى “مسرح الشباب”، معتبرا أن هذا الأخير جاء ليملأ الفراغ الذي خلفه تراجع المسرح الهوياتي، غير أنه يتميز برؤية أكثر انفتاحا واندماجا في التنمية المجتمعية.
واقترح العلمي في ختام مداخلته مجموعة من التدابير لمأسسة تجربة مسرح الشباب، من بينها:
إحداث مرصد وطني لمسرح الشباب. التنسيق بين وزارتي الثقافة والتعليم لإدماج المسرح في السياسات التربوية. تأهيل دور الشباب وتمويلها. إطلاق برامج جهوية للتكوين المسرحي خارج المركز، ودعم مشاريع التوطين المسرحي التي تدمج الشباب في كل مراحل الإنتاج.

الدعوة إلى إعادة النظر في السياسات العمومية تجاه مسرح الشباب

اتفق المتدخلون على أن مستقبل المسرح المغربي، وخصوصا المسرح الاحترافي، يبدأ من فسحة الشباب، وأن هذه الفئة تُعد الخزان الحقيقي للطاقات الإبداعية. ودعوا إلى إعادة النظر في السياسات العمومية تجاه مسرح الشباب، من خلال رؤية تشاركية تراعي الواقع وتراهن على المستقبل.
وقد شكلت الندوة مناسبة للتفكير الجماعي وتبادل التجارب، وخلقت لحظة حوار عميق بين الأكاديميين والممارسين، في أفق تثبيت موقع مسرح الشباب كرافعة للتنمية الثقافية، وسياق فعلي للتمكين الاجتماعي.
وفي ختام هذه الندوة الفكرية، رُفعت توصيات إلى الجهات المختصة، تُلح على ضرورة منح مسرح الشباب المكانة التي يستحقها، لا باعتباره نشاطا ترفيهيا، بل باعتباره استراتيجية ثقافية وطنية لبناء الإنسان، وتفعيل المشاركة، وصناعة المستقبل.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

القضاء ينصف البرلماني عبد العزيز درويش ويقضي بتعويض قدره 50 مليون سنتيم لفائدته

طارق أعراب في انتصار جديد لثقة المواطنين في