بتاريخ 3 أبريل نظم المنتدى الجهوي لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي لحزب الأصالة والمعاصرة بتعاون مع الأمانة الجهوية للحزب ، مائدة مستديرة في موضوع: “النخب والعمل السياسي”.
وقد حضر هذه المائدة، فؤاد العماري عمدة مدينة طنجة ،و عبد المنعم الباري الأمين الجهوي للحزب بطنجة، و المصطفى المريزق رئيس المنتدى الوطني لمنتدى أساتذة التعليم العالي و البحث العلمي لحزب الأصالة والمعاصرة ،وحميد ابولاس رئيس المنتدى الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة، وقد حضر كذلك هذه المائدة المستديرة ثلة من أعضاء ذات المنتدى.
كما حضر هذا اللقاء مجموعة من العمداء ومدراء المؤسسات ، ورؤساء غرف مهنية واقتصادية، وأساتذة جامعيون و طلبة باحثون وغيرهم من الأطر الأخرى التي تنتمي إلى عالم الاقتصاد والفن والثقافة ورجال الإعلام والمجتمع المدني.
في مستهل هذا اللقاء، تطرق فؤاد العماري عمدة مدينة طنجة في مداخلة تأطيرية، انطلاقا من تجربتة في العمل الجماعي وكرئيس للمجلس الجماعي لطنجة، (تطرق إلى) مجموعة من النقط الأساسية، بدأها بتساؤل محوري يتعلق ب: لماذا النخب ارتبطت بالأعيان على مر الزمان؟
و في مقاربته لهذه الإشكالية، اعتبر فؤاد العمري، أن الانتخابات كانت واجهة لتزيين المشهد السياسي، و هو ما أبعد النخب عن التنظيم السياسي و عن المشاركة السياسية. و في هذا السياق، تساءل مرة أخرى عن المصالحة مع العمل السياسي و عن دور النخب التي اقتنعت بالعمل السياسي في الحراك الجديد من أجل بناء صرح المجتمع الحداثي الديمقراطي.
و ختم مداخلته هذه، بالحديث عن البنيات التقليدية و ما أفرزته من تحكم في المشهد السياسي من خلال عائلات و سلالات ارتبط اسمها و فعلها السياسي بذات البنيات التي ربما لم تدمر بعد (البنيات).
أما المصطفى المريزق رئيس منتدى الأصالة و المعاصرة لأساتذة التعليم العالي و البحث العلمي، و بعد الترحيب بالضيوف و الاشادة بأعضاء المنتدى الجهوي و بالأمانة العامة الجهوية، اعتبر أن الانتقال الديمغرافي و الحضري و السياسي و الديمقراطي يجب أن يتبعه انتقال على مستوى الفلسفة التي ينهل منها روح هذا الانتقال كما شهدته العديد من التجارب العالمية و الإنسانية، و أن الزمن السياسي الراهن يجب أن ينهل من هذه الفلسفة ذاتها: فلسفة الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و الحرية و حقوق الإنسان و الكرامة.. ثم تساءل عن أي مضمون يمكن أن نعطيعه للنخبة؟ و هل المضمون الكلاسيكي الذي ولدته القطبية السياسية العالمية تم تجاوزه؟ أم أن المضمون الحداثي يجعل النخبة في قلب دينامية المجتمع، تارة تؤثر فيه و تارة تتأثر به؟ و خلص في مداخلته إلى ضرورة ربط مسألة النخب (السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الرياضية) بالجامعة و بالتعليم بشكل عام، معتبرا أن للمؤسسات التعليمية (العامة منها و الخاصة) لها دورا أساسيا في إنتاج و صناعة النخب .
الأستاذ بوجداد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بأكدال الرباط، اختار الحديث في الموضوع من منطلق الباحث الأكاديمي للبحث عن مقاربة جديدة وتصورات جديدة لمفهوم النخبة والعمل السياسي بشكل عام. حيث اعتبر أن المغاربة لم يعودوا راضين على عمل الأحزاب السياسية و أنشطتها، واعتبر أنه لو كانت الأحزاب تقوم بمهامها لما حصل ما حصل من قبيل الربيع العربي. فالمواطن في نظر بوجداد، غير راض على عمل الأحزاب و الأحزاب تعتبر المواطن غير قادر على مواكبة أنشطتها. ومن هنا طرح أستاذ العلوم السياسية تساؤلا جوهريا وهو: هل هي أزمة تنظيمات حزبية، أم هي أزمة أخلاق و قيم وثقافة؟
وفي معرض جوابه على هذه الأسئلة، اعتبر الأستاذ بوجداد، أنه بدون شك هناك تحولات اجتماعية، سياسية و ثقافية عميقة، لم يعرفها التاريخ إلى حد الآن، تقتضي منا أن نعيد النظر في تنظيماتنا السياسية و في وثقافتنا الإيديولوجية، وآليات تأطيرنا.. لنواكب كل المستجدات في بلادنا.. و منها التواصل عبر المواقع الاجتماعية وعبر الإنترنيت، و تساءل في معرض حديثه عن كيفية تأطير هذا الجمهور الذي يصل عدده إلى الملايين، و عن كيف يمكن استقطابه ؟ مما يستدعي -حسب الأستاذ المحاضر- تغيير آليات الاستقطاب، لأن المشاركة السياسية تغيرت دلالتها، والسياسة تغير مدلولها و كذلك مداها، كما أنها (السياسة) انتقلت إلى فضاءات أخرى و ربما قد لا نكون في المستقبل في حاجة إلى أحزاب.
و في سياق آخر من مداخلته، تحدث أستاذ علم السياسة عن أزمة الأحزاب في العالم و التي تأتي في نظره من انعدام البدائل، وعولمة السياسات العمومية. و أعطى أمثلة حية عن الواقع المغربي الذي يعيش حالة خاصة، و يتجلى ذلك في كون أحزاب الأعيان تبحث عن النخب، والأحزاب الأخرى تبحث عن الأعيان.. و إذا كانت قد نجحت إلى حد ما في التنظيم، فإنها فشلت في التحديث. و خلص إلى ضرورة تشبيب الأحزاب و تغيير استراتيجيات التواصل مع المواطنين و نهج الشفافية و المساواة و الولوج إلى المعلومة و تجاوز الأشكال التقليدية المنتهجة منذ عشرات السنوات و طرح البدائل على ضوء ما جاء به دستور2011.
وتفاعلا مع مداخلات المشاركين في الندوة ومساهمتهم في إغناء النقاش، تم التطرق للعديد من النقط وطرح العديد من التساؤلات خصوصا حول ما يتعلق بالحاجة لتجديد النخب و تعريفها و تقييم دورها في العمل السياسي. كما تم طرح العديد من المفاهيم والتحليل من قبيل الديموقراطية الحزبية، و القيم و الأخلاق و حرية التعبير و الانفتاح على المجتمع بكل قئاته. كما تم التساؤل حول: هل هذه النخب الحاكمة لها إحساس بالوطن أم لا؟
و في الأخير، أجمع المتدخلون على ضرورة مراجعة طرق العمل السياسي حتى يتأتى لكل النخب أن تشارك فيه وعلى ضرورة تجديد النخب، و خلق آليات جديدة للاستقطاب والتأطير تتماشى مع التطور الذي عرفته المجتمعات العصرية.