نورالدين بازين
مراكش . إعفاء قائد الملحقة الإدارية الحي الحسني بعد واقعة احتجاز “مول الحوت”
طارق أعراب قرر والي جهة مراكش آسفي، فريد
نورالدين بازين
في بلاد العجائب الاقتصادية، حيث يرتفع سعر الطماطم كما ترتفع المعنويات قبل الانتخابات، وحيث يصبح السمك عملة نادرة مثل الذهب، يظهر علينا بطل الأسواق الخفي: الشناق، ذلك الكائن الذي لا يزرع ولا يحصد، لكنه يبيع كل شيء، حتى الهواء إن استطاع!
الشناقة ليسوا تجارًا ولا فلاحين، لكنهم يعرفون كيف يجنون الأرباح أفضل من كليهما. تراهم في الأسواق بأجسادهم النحيلة وأصواتهم العالية، يطوفون بين البائع والمشتري، يقسمون أنهم لا يربحون شيئًا، وأنهم يعملون فقط “بنية خالصة”، وكأنهم جمعيات خيرية متنقلة!
يبدأ الأمر عندما يرى الشناق أن سعر الس معقول جدًا، فيشتري نصف السوق قبل أن يستيقظ الفلاح من غفوته. ثم يبدأ التفاوض مع نفسه: “لو رفعت السعر بدرهم، هل سيشتري الناس؟ نعم! إذن، لنرفعه بثلاثة دراهم!”. وبلمسة ساحرة، يصبح ثمن البطاطس أغلى من الحمص في العصور الوسطى.
أما عند بيع الأغنام في عيد الأضحى، فهنا يتحول الشناق إلى عالم في الرياضيات. يسألك: “كم رأسًا تريد؟”، فترد: “واحدًا”، فيبتسم قائلًا: “حسنًا، لكن لو اشتريت اثنين لكان أرخص!”، فتحتار: هل تزيد الميزانية أم تبيع سيارتك لشراء خروفين بسعر خروف ونصف؟
لا يحتاج الشناق إلى دراسة الاقتصاد، فهو أستاذ في قوانين السوق، إذا زاد الطلب، فهو يرفع السعر لأن “البضاعة ناقصة”، و إذا قلّ الطلب، فهو يرفع السعر لأن “الركود خطر على الاقتصاد”، و إذا استقر السوق، فهو يرفع السعر لأن “الاستقرار لا يطعم الأفواه”.
بينما تبحث الحكومة عن حلول، والباعة يشتكون، والمستهلكون يصرخون، يبقى الشناق واقفًا في الزاوية، يراقب السوق بنظرة متفحصة، ينتظر اللحظة المناسبة ليقول: “الأسعار نار، لكن عندي حل خاص لك!”.
وفي النهاية، سيبقى الشناق سيد الموقف، يرفع الأسعار متى شاء، ويخفضها إن تعب من عدّ الأرباح، لأن السوق سوقه… ونحن مجرد متفرجين!
طارق أعراب قرر والي جهة مراكش آسفي، فريد