السردين ولعب دراري.. حين يصبح السمك قضية رأي عام!

السردين ولعب دراري.. حين يصبح السمك قضية رأي عام!

- ‎فيرأي, في الواجهة
511
0

نورالدين بازين

في بلادٍ تطل على بحرين، حيث يُفترض أن يكون السمك أرخص من الخبز، تحوَّل السردين إلى سلعة نادرة، وباتت أسعاره تخضع لقوانين غامضة أشبه بسوق البورصة! لكن وسط هذا الجنون، قرر شاب مراكشي كسر القاعدة وخوض معركة خاصة، لم يتوقع أنها ستجرّ عليه ويلات “حيتان السوق”.

مع حلول رمضان، يصبح السردين سيد المائدة، لكن أسعاره ترتفع كما ترتفع الأدعية في المساجد، وكأن الصيام اختبارٌ مزدوجٌ للجوع وللجيوب. المواطن المغربي يخرج كل مساء بحثًا عن بضعة كيلوغرامات من السردين، فيجد نفسه أمام تجار يرفعون الأسعار وكأنهم يبيعون سمك السلمون الاسكندنافي، لا السردين المغربي!

لكن وسط هذه الفوضى، ظهر شاب مراكشي قرر قلب الطاولة على المضاربين، فبدأ يبيع السردين بخمسة دراهم للكيلوغرام، متحديًا بذلك سماسرة السمك الذين اعتادوا التلاعب بالأسعار. في لحظة، تحوَّل الرجل إلى “بطل شعبي”، واستقطب زبائن بالمئات، لكنه في الوقت نفسه أثار غضب “حيتان البحر والبر”، الذين اعتبروا فعله تمردًا على قانون اللعبة!

لم تمر مبادرة الشاب مرور الكرام، بل سرعان ما وجد نفسه في قلب عاصفة لم يكن يتوقعها. تجار السمك اعتبروه “خارجًا عن السيطرة”، وتحركت لوبيات السوق لإيقاف هذا “العبث”. كيف يجرؤ على بيع السردين بسعر معقول بينما غيره يفرض الأسعار التي يريد؟! بل إن بعضهم بدأ يروج بأن ما يبيعه الشاب ليس سردينًا بل “سمكًا مهربًا” أو “غير صالح”، وكأن العبرة ليست في الجودة بل في مدى توافق السعر مع مزاج تجار الجملة!

وبينما انتشر خبره على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وجد الشاب نفسه بين مطرقة التجار وسندان السلطات، فبدل أن يتم دعمه وتشجيع مبادرته، بدأ يشعر بأن الأرض تضيق من تحته، وكأن بيع السردين بسعر معقول صار جريمة يعاقب عليها القانون غير المكتوب لسوق الاحتكار.

في النهاية، السردين ليس مجرد سمكة، بل مرآة تعكس واقع السوق والاحتكار والمضاربة. وإذا كان بيع السمك بسعر مناسب يثير كل هذه الضجة، فماذا عن باقي المواد الأساسية التي تخضع لنفس قوانين “لعب الدراري”؟!

أما الشاب المراكشي، فقد تحوَّل من مجرد بائع إلى “رمز المقاومة السمكية”، ومن يدري؟ ربما سيصبح يومًا ما وزيرًا للصيد البحري، فهو على الأقل يفهم السوق أكثر من كثير من المسؤولين!

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

برامج رمضان على القناة الأمازيغية فرجة متنوعة بلمسة الفانتازيا

كلامكم: الرباط-محمد بلال كعادتها بادرت مديرية التواصل بالشركة