خولة العدراوي
في أجواء احتفالية متميزة، تشهد المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش التابعة لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تخرج دفعة جديدة من طلبتها، الذين أكملوا مسيرتهم الأكاديمية بنجاح، مستعدين لخوض غمار الحياة المهنية مسلحين بالمعرفة والخبرة التي اكتسبوها خلال سنوات دراستهم.
يأتي هذا التخرج تتويجًا لجهود الطلبة وأعضاء هيئة التدريس الذين عملوا على تطوير قدراتهم في مجالات الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني، وفق منهج دراسي يجمع بين الأسس العلمية الصارمة والبعد التطبيقي المرتبط بالسياقات المحلية والدولية.
تتميز دفعة هذا العام بتركيز مشاريع التخرج على القضايا الهندسية التي تهم جهة مراكش-آسفي، ومراكش على وجه الخصوص، حيث حرصت المدرسة على توجيه طلبتها نحو معالجة الإشكالات الحضرية والمعمارية التي تواجه المنطقة، وذلك من خلال دراسات ومقترحات تصميمية تعكس فهمًا عميقًا للخصوصيات التراثية والمعمارية للجهة.
شملت المشاريع مواضيع متنوعة، من بينها إعادة تأهيل الموروث المعماري للمدينة العتيقة، وتطوير حلول عمرانية مستدامة تتماشى مع متطلبات الحداثة، دون التفريط في الهوية الثقافية والتراث المغربي العريق. وقد شكل هذا النهج فرصة للطلبة لتوظيف مختلف المعارف والمهارات التي اكتسبوها، من خلال دراسات ميدانية وتحليلات علمية معمقة.
وفي تصريح للدكتور عبد الغني الطيبي، مدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، أكد أن المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش تتبنى منهجًا أكاديميًا متطورًا، يجمع بين التعليم الهندسي المتخصص والمعايير الدولية المعتمدة في تكوين المهندسين المعماريين.
كما أكد أن البرنامج الدراسي يعتمد مقاربة متكاملة تزاوج بين التكوين النظري والتطبيقي، مما يمنح الطلبة فرصة فريدة لتطوير كفاءاتهم من خلال ورشات عمل، ومشاريع ميدانية، وتعاون مع مؤسسات وطنية ودولية متخصصة في مجال الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني، خصوصًا الأنشطة التي تبرمجها المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش مع مجلس جماعة مراكش، برئاسة فاطمة الزهراء المنصوري، التي لم تبخل بدعمها المستمر وتشجيعها للفعاليات التي تنظمها المؤسسة.
وأشار مدير المدرسة إلى أن رسالة المؤسسة لا تقتصر على تكوين مهندسين معماريين فحسب، بل تسعى إلى تعزيز الوعي بالتراث المغربي الغني، وتحفيز الطلبة على استلهام عناصره في تصاميمهم المستقبلية. فالعمارة المغربية، بمزيجها الفريد بين الأصالة والحداثة، تبقى مصدر إلهام رئيسي لطلبة المدرسة الذين يدرسون عناصرها الجمالية والوظيفية، ويعملون على تطوير مفاهيم جديدة تحترم الموروث المعماري المغربي، مع الانفتاح على الابتكارات العصرية.
ومع تخرج هذه الدفعة الجديدة، تؤكد المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش التزامها المستمر بإعداد أجيال من المهندسين المعماريين القادرين على المساهمة في تطوير المشهد العمراني بالمغرب، وإيجاد حلول مستدامة ومقتصدة لمختلف التحديات التي تواجه القطاع، وذلك عبر تبني نهج يجمع بين الحداثة واحترام القيم الثقافية والتراثية الوطنية.
يشكل هذا التخرج محطة بارزة في مسار الطلبة الخريجين، الذين سينطلقون في مسيرتهم المهنية بآفاق واعدة، مساهمين بفعالية في تطوير العمارة المغربية، وتعزيز مكانة التراث الوطني على المستويين المحلي والدولي.