لماذا يرفض المغاربة هذه الحكومة المعدلة؟

لماذا يرفض المغاربة هذه الحكومة المعدلة؟

- ‎فيرأي, سياسة, في الواجهة
1241
التعليقات على لماذا يرفض المغاربة هذه الحكومة المعدلة؟ مغلقة

نورالدين بازين

يواجه المغرب حالة من التوتر الاجتماعي والسياسي، حيث يتزايد استياء المواطنين من الأداء الحكومي، حتى بعد التعديلات الأخيرة التي أُجريت على الفريق الوزاري. ورغم الآمال التي كانت معقودة على هذا التعديل لتصحيح مسار الحكومة، فإن واقع الأمر يعكس إحباطاً شعبياً واسع النطاق. في هذه المقالة، سنحلل الأسباب التي تقف وراء رفض المغاربة للحكومة المعدلة والعوامل التي جعلت الثقة في قدرة الحكومة على الاستجابة لتطلعات المواطنين تتراجع.

يرجع رفض المغاربة للحكومة المعدلة إلى تراكم الإخفاقات في معالجة القضايا الجوهرية. فعلى مر السنوات الماضية، ظلت مشاكل مثل البطالة والفقر، والتدهور في خدمات التعليم والصحة، بدون حلول ملموسة، مما أدى إلى اتساع فجوة الثقة بين المواطنين والدولة. ولا يرى الكثيرون في التعديل الحكومي الأخير أي دلائل على تغييرات جوهرية يمكن أن تحسن من أوضاعهم المعيشية.

فالحكومة المعدلة لم تقدم حتى الآن استراتيجية واضحة وملموسة لحل هذه المشاكل الهيكلية، بل يُنظر إلى تعديلاتها كإجراء شكلي أكثر من كونه خطوة إصلاحية حقيقية. الإبقاء على نفس الوجوه أو استبدالها بأخرى من دون تغيير عميق في النهج والسياسات الاقتصادية والاجتماعية يعزز انطباعاً سائداً بأن الحكومة غير قادرة على إحداث التغيير المطلوب.

غياب الشفافية والتواصل الفعّال

أحد أبرز العوامل التي تزيد من رفض المغاربة للحكومة هو ضعف التواصل السياسي. يشعر المواطنون بأنهم مغيبون عن القرارات التي تؤثر على حياتهم اليومية، مثل زيادات الأسعار أو تعديل البرامج الاجتماعية، وغالباً ما تُتخذ القرارات بدون تبرير كافٍ أو توضيح للرؤية الاستراتيجية وراءها. هذا الغياب للشفافية يجعل المواطنين يشعرون بأن السياسات تُفرض عليهم، مما يزيد من حالة الاستياء ويعزز انعدام الثقة بين الحكومة والمواطنين.

هناك نقص واضح في الجهود الحكومية لشرح السياسات وإشراك المواطنين في النقاش العام حول القرارات الهامة، وهو ما يُفسر إلى حد كبير حالة الرفض الشعبي. فالتواصل الفعّال مع الجمهور لا يقتصر على إلقاء خطب وإصدار بيانات، بل يتطلب استماعاً جاداً للمواطنين وشرحاً وافياً للقرارات وتأثيراتها على حياتهم.

التعديل الحكومي كاستجابة شكلية للاحتجاجات

يعتقد الكثير من المغاربة أن التعديل الحكومي ليس سوى خطوة تهدف إلى تهدئة الاحتجاجات الاجتماعية والمطالب الشعبية المتزايدة. بدلاً من إجراء تعديلات جذرية تستجيب لمطالب المواطنين، يبدو أن الهدف من هذه التعديلات هو كسب الوقت وتسكين الاحتقان دون معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة.

و يُنظر إلى التعديلات على أنها محاولة لتلميع الصورة السياسية أكثر من كونها وسيلة لتقديم حلول جادة وفعّالة. هذا التوجه يزيد من حالة الإحباط العام، خاصة في صفوف الشباب، الذين يشعرون بأنهم يدفعون ثمن الفشل الحكومي في توفير فرص عمل وتعليم جيد ورعاية صحية ملائمة.

تأثير الصراعات السياسية الداخلية

لم يكن خافياً على أحد أن الحكومة السابقة عانت من صراعات داخلية بين الأحزاب المكونة للتحالف الحكومي. تلك الصراعات السياسية أدت إلى تعطيل بعض المشاريع والإصلاحات، وجعلت من الصعب على الحكومة التركيز على تنفيذ برامج فعّالة تهم المواطن. ويُعتقد أن هذه التعديلات الأخيرة جاءت نتيجة توافقات سياسية داخلية أكثر من كونها استجابة لضغوط الشارع أو استجابة للحاجة الملحة للإصلاح.

فالصراعات الداخلية تعزز فكرة أن الحكومة تضع مصلحة الأحزاب فوق مصلحة المواطنين، وهو ما يزيد من حالة الغضب الشعبي ويرفع من مطالبات التغيير الجذري في نهج العمل الحكومي.

رفض الأسماء الجديدة ضمن الحكومة المعدلة

أحد الجوانب التي أثارت استياء المغاربة من الحكومة المعدلة هو تعيين بعض الأسماء الجديدة في مناصب وزارية دون أن يكون لها سجل واضح في مجال العمل الحكومي أو خبرة كافية في معالجة القضايا المهمة. يشعر الكثيرون بأن هذه الأسماء تم اختيارها بناءً على توافقات سياسية أو ولاءات حزبية، بدلاً من الاعتماد على الكفاءة والقدرة على تقديم حلول واقعية للتحديات التي تواجه البلاد.

و ينظر المواطنون إلى بعض الأسماء الجديدة على أنها وجوه غير معروفة تفتقر إلى التجربة. هذا الإحساس بالاستمرارية في النهج القديم يعزز من الشكوك حول نوايا الحكومة ويزيد من حالة الرفض الشعبي، حيث يُعتبر التعديل الحكومي بمثابة إعادة تدوير للسياسيين بدلاً من ضخ دماء جديدة قادرة على قيادة الإصلاح.

إن رفض المغاربة للحكومة المعدلة يعكس حالة من اليأس والإحباط تجاه العملية السياسية بشكل عام. المواطنون لم يعودوا يثقون في قدرة الحكومة على تلبية احتياجاتهم أو تحسين أوضاعهم المعيشية، ويرون في التعديلات الأخيرة مجرد إعادة ترتيب للأدوار دون رؤية واضحة للمستقبل. في ظل هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحّة لإعادة النظر في السياسات العامة والتواصل بشكل فعّال مع المواطنين لإعادة بناء الثقة، وإلا فإن الاستياء الشعبي قد يستمر في التصاعد.

يمكنك ايضا ان تقرأ

موسم روابط بالرحامنة: ساكنة مثقلة بالهشاشة والبطالة تحتفي بالفشل

حكيم شيبوب ما بين عشية وضحاها نزل موسم