طارق أعراب/ تصوير: ف. الطرومبتي
تشهد مدينة مراكش تدهوراً ملحوظاً في وضعية المرافق العامة، وخاصة المراحيض العامة التي كانت تخدم سكان المدينة وزوارها. اليوم، نجد أن العديد من هذه المراحيض قد تم إغلاقها أو تحويلها إلى متاجر وبزارات، مما يثير تساؤلات حول عملية تفويت هذه المرافق التابعة للأوقاف وغياب العناية اللازمة بتلك المتبقية.
في بن يوسف بزاوية الحضر، كان مرحاض عام يقطنه مواطن مع عائلته قبل أن يتم إفراغهم منه بطرق تثير تساؤلات. تحول المرحاض، الذي كان جزءًا من خدمة اجتماعية للمواطنين، إلى رمز آخر من رموز الإهمال، حيث تم إغلاقه مثلما حدث مع المرحاض الكبير بالمواسين، ويتحول فيما بعد الى بازار بقدرة قادر.
وبالانتقال إلى تيشينباشت بحومة قاعة بنهيض وسيدي عبد العزيز ودرب ضبشي ودرب مولاي عبد القادر، نجد أن المراحيض العامة هناك لم تسلم أيضًا من هذا المصير. المراحيض التي كانت تابعة للأوقاف تفاجأ السكان بتحويلها إلى متاجر وبزارات. هذا التحول في الاستخدام، الذي يبدو غير مبرر، أضر بالبيئة الحضرية والخدمات العامة، حيث أصبحت هذه المرافق مملوكة لأفراد يستغلونها لأغراض تجارية، في الوقت الذي تعاني فيه المدينة من نقص في المراحيض العامة المتاحة للمواطنين والزوار.
أما في ساحة جامع الفناء وساحة البيلك، فإن الوضع لا يقل سوءاً. فالمراحيض هناك تعاني من الإهمال التام، والروائح الكريهة المنبعثة منها تسيء إلى سمعة هذه الساحات التي تعد وجهة سياحية عالمية. على الرغم من وجود بئر ماء مخصص لتنظيف هذه المرافق، إلا أن غياب الصيانة الدورية يجعل من هذه المراحيض مصدر إزعاج لمرتادي المنطقة.
في ظل هذه الوضعية المتردية، يطرح المواطنون والمتابعون للشأن المحلي تساؤلات مشروعة حول غياب الرقابة والإشراف على هذه المرافق الحيوية. فالمراحيض العامة ليست مجرد مرافق صغيرة، بل هي جزء أساسي من البنية التحتية للمدينة، وتشكل واجهة حضرية تعكس مستوى الاهتمام بالخدمات الأساسية.
وفي خطوة أثارت الجدل، قامت وزارة الأوقاف بكراء مراحيض قديمة تابعة لجامع ابن يوسف لصاحب بازار مقابل مبلغ مالي كبير. العملية شهدت تدخلات من جهات داخل حزب حكومي لتسهيل تمرير الصفقة، ما أثار استياء الساكنة المحلية وبعض الفعاليات الحقوقية. ومع تزايد الانتقادات، تدخل والي الجهة بشكل حازم لإرجاع الأمور إلى نصابها، حيث تم إلغاء قرار الهدم، ما شكل انتصاراً لقوى المحافظة على التراث الثقافي والروحاني للمدينة.
المدينة التي تجذب ملايين الزوار سنويًا لا يمكنها أن تستمر في تجاهل أهمية هذه المرافق. لذا، بات من الضروري على السلطات المحلية التحرك الفوري لإعادة تأهيل المراحيض العامة، وضمان توفيرها بالصورة التي تستجيب لحاجيات السكان والزوار. فالمسؤولية تقع على عاتق الجهات المختصة لضمان عدم تحويل المرافق العامة لأغراض تجارية على حساب المصلحة العامة.
و يبقى السؤال معلقًا: إلى متى ستظل مراحيض مراكش مهمشة أو مغلقة، في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه جزءًا من حلقة خدماتية تعزز من جمالية المدينة وتجربتها السياحية؟