500 عامل(ة) في مهب الريح: هل تتخلى الدولة عن شغيلة شركة سوميا؟

500 عامل(ة) في مهب الريح: هل تتخلى الدولة عن شغيلة شركة سوميا؟

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
264
6

خديجة العروسي

تعيش مدينة مراكش على وقع أزمة اجتماعية حادة تهدد مئات الأسر نتيجة توقف شركة “سوميا” للمصبرات عن دفع مستحقات 500 عامل وعاملة منذ أكثر من أربعة أشهر. هذه الشركة، التي كانت لسنوات رائدة في مجال الصناعات الغذائية وموجهة للتصدير نحو أسواق كبرى كالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، أصبحت اليوم عنوانًا لأزمة عميقة قد تؤدي إلى تشريد عشرات الأسر.

و تتابع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، بقلق بالغ هذه المأساة التي طالت الشغيلة، والتي تتزامن مع دخول مدرسي يتطلب إمكانيات مادية كبيرة، فضلًا عن التزامات بنكية تهدد العاملين بعقوبات مالية وإنذارات قضائية. أكثر من ذلك، فقد حُرم العمال من التغطية الصحية مع بداية شهر شتنبر الجاري، مما يفاقم الوضعية الصحية والاقتصادية للعديد من الأسر التي تعتمد على هذا المدخول.

ما يزيد من حدة الأزمة هو توارد أنباء عن نية إدارة الشركة بيع بعض أصولها العقارية بطرق مشبوهة، في خطوة قد تهدف إلى التملص من التزاماتها تجاه العمال. ورغم توقف دورة الإنتاج وتوفر الشركة على المواد الضرورية لتشغيل المصانع، إلا أن المؤشرات تشير إلى رغبة المالكين في تصفية الأصول دون مراعاة حقوق الشغيلة.

أمام هذا الوضع الكارثي، أطلقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نداءً مستعجلًا إلى كل من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى، والتشغيل والكفاءات، والي جهة مراكش آسفي، والمندوب الجهوي لوزارة التشغيل بمراكش. تطالب الجمعية هذه الجهات بالتدخل الفوري لإنصاف العمال وضمان حقوقهم المكفولة بالقوانين المحلية والدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقيات منظمة العمل الدولية.

ورغم أن الشركة حققت على مدار سنوات طويلة أرباحًا طائلة من خلال عمليات التصدير، فإن الإدارة اليوم تقف موقفًا متخاذلًا من حقوق الشغيلة الذين خدموا في صفوفها لعقود، حتى أن بعضهم أمضى 38 سنة من حياته في هذه الشركة. فهل يُعقل أن يُترك هؤلاء العمال، الذين ساهموا في نجاح الشركة وازدهارها، لمصيرهم دون دعم أو حماية؟

الجمعية لا تكتفي بتوجيه النداء فقط، بل تطالب أيضًا بوقف أي محاولات لبيع الأصول العقارية التي قد تنهب حقوق الشغيلة، وإلزام الشركة باستئناف دورة الإنتاج وتسوية الأجور المتأخرة. كما تحذر من مغبة التماطل أو التسويف في حل هذه الأزمة، التي قد تؤدي إلى كارثة اجتماعية واقتصادية ليس فقط للعمال ولكن للمدينة ككل.

في هذا السياق، تظل التساؤلات مشروعة: هل ستتدخل الدولة فعليًا لحماية حقوق هؤلاء العمال وإنقاذهم من هذه الأزمة؟ أم ستتركهم يواجهون مصيرهم في مهب الريح تحت رحمة الشركات الكبرى؟

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

“أنا وحدي… نضوي لبلاد”: بين وهم الفردانية وحقيقة العمل الجماعي

بقلم: نورالدين بازين  القادة الأذكياء هم الذين يملكون