الدراما البامية تنتظر حلاً سياسياً أو تغيير من يجر “الترويكا “

الدراما البامية تنتظر حلاً سياسياً أو تغيير من يجر “الترويكا “

- ‎فيرأي, سياسة, في الواجهة
1417
التعليقات على الدراما البامية تنتظر حلاً سياسياً أو تغيير من يجر “الترويكا “ مغلقة

بقلم: نورالدين بازين

في خضم الأحداث السياسية المثيرة داخل حزب الأصالة والمعاصرة، يبرز الصراع الداخلي كقصة ذات أبعاد درامية تعكس توتر العلاقات بين القيادات. صلاح الدين أبو الغالي، القيادي البارز في الحزب، أصبح محور هذا الصراع بعد إصدار المكتب السياسي قراراً بتجميد عضويته، وهو القرار الذي استدعى منه رداً حاسماً ومفصلاً في بيانه الثالث.

بداية الصراع

يُعتبر بيان صلاح الدين أبو الغالي الأخير بمثابة تسليط للضوء على المشكلات العميقة التي تعصف بالحزب، حيث أشار إلى أنه تم إبلاغه بتجميد عضويته من المكتب السياسي، مع دعوته لحضور اجتماع لجنة التحكيم والأخلاقيات. هذا التجميد جاء نتيجة صراع داخلي، ليس بين التيارات الفكرية أو السياسات العامة، ولكن بسبب نزاع تجاري شخصي، لا علاقة له بالحزب حسب تصريحات أبو الغالي.

في البيان، أكد أبو الغالي أن المكتب السياسي تراجع عن قراره الأول الذي شمل تجميد عضويته من المكتب السياسي ومن القيادة الجماعية للأمانة العامة، واكتفى بتجميد عضويته من المكتب السياسي فقط. بالنسبة له، هذا التراجع يعكس استفادة أعضاء المكتب السياسي من المرجعية القانونية التي قدمها في بياناته السابقة، حيث اعترفوا ضمنياً ببقائه أميناً عاماً في القيادة الجماعية للأمانة العامة.

خلفيات القرار وتداعياته

أوضح أبو الغالي أن قرار المكتب السياسي يُعد خرقاً لمواد القانون الأساسي للحزب، وبالأخص المادة 96 التي تنص على أن المكتب السياسي هو هيئة تنفيذية تترأسها القيادة الجماعية للأمانة العامة، والمادة 97 التي تؤكد أن القيادة الجماعية هي عضو في المكتب السياسي. وعليه، فإن تجميد عضوية أحد أعضاء القيادة يسقط صلاحية المكتب السياسي قانونياً.

تطرق أبو الغالي أيضاً إلى ما وصفه بالتدخلات غير المشروعة في الشؤون الحزبية، مستشهداً بموقف بعض أعضاء المكتب السياسي، ومنهم فاطمة الزهراء المنصوري، الذين ضغطوا عليه لحل نزاع تجاري يتعلق بشخصيتها، واصفاً هذه التحركات بأنها تعكس “انتهازية مصلحية”.

التشهير والمواجهة مع أعضاء المكتب

في سرد أكثر درامية، كشف أبو الغالي عن اجتماع جمعه مع أربعة أعضاء من المكتب السياسي، حيث تمت ممارسة الضغوط عليه لتقديم استقالته. رفضه الخضوع لتلك الضغوط قوبل بتهديدات واضحة من سمير كوادر والمنصوري، بما في ذلك التهديد بتجميد عضويته كما حدث لاحقاً. أبو الغالي اعتبر هذه التصرفات بمثابة “سلوك مشبوه” يخدم مصالح شخصية.

الأمثلة السابقة على التدخلات

أبو الغالي لم يكتف بتناول قضيته الشخصية فحسب، بل أشار إلى حالات أخرى تمثل تجاوزات مشابهة داخل الحزب. أورد على سبيل المثال قضية أحمد الوهابي، رئيس جماعة تازروت، الذي تعرّض لمحاولة استغلال السلطة والنفوذ من قبل بعض القيادات الحزبية، حسب تصريحات الوهابي. هذا الأمر دفع أبو الغالي إلى توجيه دعوة مباشرة إلى فاطمة الزهراء المنصوري للرد على هذه الاتهامات، نظراً لخطورتها وتأثيرها السلبي على صورة الحزب.

الدروس المستفادة والخطوات القادمة

في ختام بيانه، أكد أبو الغالي أنه سيظل وفياً لمبادئه وأخلاقياته السياسية التي تعلمها منذ تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة. كما أشار إلى دعوته المستمرة لتحسين الأداء السياسي داخل الحزب وفقاً للتوجيهات الملكية السامية، التي تطالب الأحزاب بالعمل على تحديث أساليب العمل السياسي والاهتمام بمطالب المواطنين.

إلى جانب ذلك، أعلن أبو الغالي عزمه متابعة الذين نشروا وشهروا به قانونياً، مطالباً بتقديم الأدلة التي يزعمونها ضده في القضايا المثارة.

الأزمة تتجاوز الأفراد: صراع على مستقبل الحزب

الصراع الداخلي في حزب الأصالة والمعاصرة ليس فقط حول الشخصيات أو الأفراد. إنه يعكس نقاشاً أعمق حول مستقبل الحزب نفسه، وطبيعة دوره في المشهد السياسي المغربي. هل سيستمر الحزب في أداء دوره كمشارك في الحكومة؟ أم أن الانقسامات الداخلية ستؤدي في النهاية إلى تفككه وفقدان دوره؟

هذا التساؤل يدفع العديد من المراقبين إلى التأمل في كيفية تأثير الأزمة الداخلية على أداء الحزب في الانتخابات القادمة، وعلى إمكانية استعادة الثقة في قيادته وقدرته على تقديم حلول سياسية لمشكلات المغرب الاقتصادية والاجتماعية.

الحل السياسي: أفق أم مجرد تأجيل؟

في ظل كل هذه التطورات، يبدو أن الجميع ينتظر الحل السياسي. الحل الذي قد يأتي إما عن طريق مؤتمر استثنائي يعيد ترتيب أوراق الحزب، أو عبر تغيير في القيادة الحالية، أو حتى من خلال بناء تحالفات جديدة تعيد توازن القوى داخل الحزب. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتمكن الحزب من تجاوز أزماته الداخلية في الوقت المناسب، أم أن هذه الدراما ستستمر إلى أن ينفرط العقد تماماً؟

من وجهة نظر تحليلية، يبقى الحل السياسي ضرورة ملحة. فالانقسامات الداخلية تعيق الحزب من أداء دوره كقوة سياسية فعالة، وتجعله عرضة للتهميش في المشهد السياسي المغربي. كما أن استمرار الأزمة دون حل سيؤثر على قدرة الحزب على تقديم رؤية سياسية واقتصادية مقنعة للشعب المغربي.

بين الدراما والحل

أزمة أبو الغالي داخل حزب الأصالة والمعاصرة ليست مجرد نزاع حزبي داخلي، بل تعكس أبعاداً أوسع تتعلق بالتحديات التي تواجه الحزب في تعزيز ممارساته الديمقراطية والشفافية. وفي ظل الدعوات المتزايدة للإصلاح السياسي داخل الحزب، لتبقى “الدراما البامية” مشهداً مفتوحاً على جميع الاحتمالات. فيما ينتظر الجميع حلاً سياسياً ينقذ الحزب من أزمته، لا تزال الانقسامات الداخلية والتوترات القيادية تزيد من تعقيد المشهد. و بيان أبو الغالي ليس سوى جزء من هذه القصة المعقدة، التي تنتظر فصلاً نهائياً يعيد للحزب وحدته وقوته. وحتى ذلك الحين، ستستمر الدراما البامية في خطف الأضواء في المشهد السياسي المغربي.

يبقى السؤال قائماً: هل سيتمكن الحزب من تجاوز هذه الدراما الداخلية والعودة إلى مساره السياسي الحقيقي، أم ستظل تلك الصراعات تُعكّر صفو مستقبل الحزب؟

 

يمكنك ايضا ان تقرأ

جمعيات حقوقية تؤسس لتحالف من أجل تعزيز قيم المواطنة واحترام حقوق الإنسان

كلامكم أعلنت التنسيقية الوطنية لعدد من جمعيات المجتمع