سمية العابر
أمرت المحكمة الابتدائية بمراكش، الجمعة الماضي، بالسماح لتلميذة بالولوج إلى المؤسسة التعليمية فيكتور هيجو بحجابها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير، مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل وتحميل المدعي عليها الصائر.
وفي تفاصيل الحكم، الذي اطلعت عليه جريدة “كلامكم″، اعتبرت المحكمة أن ارتداء ابنة المدعية للحجاب “يندرج ضمن ممارستها الحريتها الشخصية، وأنه ليس فيه أي مساس بصحة السلامة العامة أو اخلال بالآداب العامة، ولا يشكل أي تهديد الحرية وحقوق الآخرين، هذا فضلا على أن منع ابنة المدعية من الولوج إلى المدرسة بسبب ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدها الديني يشكل خرقا لمبادئ حقوق الطفل في التعليم الأساسي التي ضمنتها له جميع المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، والتي لا يمكن أن تنتهك من أي طرف كان حتى لا يتم حرمان البنت من أهم حقوقها الكونية والدستورية ألا و هو حق التمدرس”.
وشددت المدعية (والدة التلميذة) على أن “قرار منع الولوج بالحجاب يتواجد فقط بمدينة مراكش دون باقي مؤسسات البعثة الفرنسية بجميع مدن المغرب، وأن ما تستند عليه المؤسسة لتبرير قرارها مخالف للدستور الذي هو أسمى قانون في البلاد، و أنه سبق للقضاء المغربي أن قضى لفائدة تلميذة بولوج مؤسسة “دون بوسكو ” بالقنيطرة بحجابها لاستئناف دراستها بمقتضى أمر استعجالي صادر عن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بتاريخ 25-11-2020″، ملتمسة الحكم على المدعى عليها بالسماح لابنتها اية “بالولوج للمؤسسة بحجابها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 5000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل وتحميلها الصائر.
واعتبرت المحكمة أن الدفع الذي تقدمت به المؤسسة الفرنسية “مردود ذلك”، مشيرة إلى أن المدعى عليها “لم تدل بالنظام الداخلي المحتج به، كما إنه بالاطلاع على ظاهر اتفاقية شراكة التعاون الثقافي والتنمية المبرمة بين حكومة الجمهورية الفرنسية والحكومة المغربية الموقعة بالرباط بتاريخ 25 يوليوز 2003 المدلى بها من طرف المدعى عليها، يتبين أنها خالية من أي مقتضى يمنع على التلاميذ ارتداء ملابس ترمز الى معتقدهم الديني”.
وتابعت المحكمة أنه “علاوة على ذلك، فإنه وعلى فرض تبوث صحة هذا الدفع، فانه لا يمكن الركون إليه لمخالفته للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة بالحقوق المدنية للأفراد، والتي يتعين على كل مؤسسة تعليمية مراعاتها وملاءمة نظامها الداخلي معها”.
ولفتت المحكمة في قرارها إلى أن القانون الفرنسي بدوره “قد قيد وضع الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليمية، بوجوب احترام تشريع الدولة التي توجد المؤسسة بترابها”، مشددة من جهة أخرى على أن المملكة المغربية “العضو العامل النشيط في المنتظم الدولي تلتزم في ديباجة دستورها على حماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والنهوض بهما ، والاسهام في تطويرهما، مع مراعاه الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء، وجعل الاتفاقيات الدولية، تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية”.
وفي الاطار نفسه واصت المحكمة أن مجموعة من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الانسان التي تعد المملكة المغربية طرفا ملتزما بما جاء فيها نصت على “تعهد الدول الاطراف من أجل ضمان جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذه المواثيق بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو غير ذلك من الأسباب”.
وأشارت في هذا الصدد إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المصادق عليها في 18 دجنبر 1970، وما نصت عليه المادتين 28 و 29 من اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نونبر 1989، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه في 3 ماي 1979.