كلامكم
لا يعرف كثير من المنتمين بشكل من الأشكال إلى مراكش أن حي حارة الصورة أو السورة حيث تقوم مدرسة الفضيلة للبنات هو أول حي بني في مراكش، واقدم حي، عمره عشرة قرون، سكنه أمراء المرابطين وقادة الجيش، ومنهم الأمير علي ابن يوسف نفسه الذي استوطن المنطقة وبنى بها جامعه “ابن يوسف” احد جامعات مراكش التاريخية العظيمة ومراكزها العلمية.
ويمثل جزء كبير من مساكن هذا الحي ومنها الدار التي شغلتها مدرسة الفضيلة التراث المعماري والنموذج المعماري للدار المرابطية ويعتبر جزءا حيويا من ذاكرة هذه المدينة وهويتها المعمارية العمرانية.
هذه الدار المدرسة، ذات التاريخ المتعدد المعماري الثقافي الاجتماعي السياسي للمغرب، قد يتقرر هدمها بسبب ما أصابها من تشققات بدل العمل على ترميمها والمحافظة عليها، وهو أمر لا يمكن استساغته ولا القبول به سيما لكونها كغالبية دور الحي مبنية بالفخار وحجارة جليز لو ازيلت طبقاتها الخارجية لاتضحت صلابة البناء ومقاومته وحاجته للصيانة لا للهدم.
والجدير بالذكر، أن مراكش قائمة على ارضية جلمودية اولا، وان أغلب منشآتها مبنية بحجر جليز أو بالفخار المطبوخ او بالمزاوجة بين الفخار وحجر جليز ثانيا، ما يمنح مبانيها الصلابة ويجعلها صامدة على مدى عشرة قرون، ومنها مدرسة الفضيلة التي ظلت مهجورة، ولم تستفد من أي إصلاح منذ قرابة القرن ومع ذلك بقيت صامدة.
إن مدرسة الفضيلة للبنات تراث معماري ونموذج للدار المرابطية بحيث لا تنحصر قيمتها التاريخية والتراثية في وظائفها وما قدمته للنهضة المغربية، ولتعليم وتحرير المرأة، وللمقاومة والتحرر الوطني، وتأسيسها للعمل المدني، وللعمل الثقافي وأول مؤسسة وظفت المرأة في المغرب وغير ذلك كثير، ولكن تكمن قيمتها كذلك في كونها تراثمعماري وتراث في نوعية البناء ونوعية المواد المستعملة وغير ذلك، وانها تحتاج للإصلاح والترميم وليس للهدم والمحو.
وقالت أصوات مهتمة بالتراث بمدينة مراكش، ” نتفهم جيدا غيرة ومخاوف السلطات المختلفة من سقوط بعض المباني وتعريض أرواح الناس للخطر. ونتفهم كون المهندسين والتقنيين والمختبرات يلجأون للقول بالهدم بدل التعرض لمسؤولية قتل الأرواح، سيما مع اكراهات الزمن وضغط العمل وحجم الخسارة واتساعها وضخامتها. لكن الأمر يحتاج مع كل ذلك إلى كثير من التروي”.