المقاوم عمر ووشن يكشف خبايا تاريخية تنشر لأول مرة

المقاوم عمر ووشن يكشف خبايا تاريخية تنشر لأول مرة

- ‎فيفن و ثقافة, في الواجهة
968
التعليقات على المقاوم عمر ووشن يكشف خبايا تاريخية تنشر لأول مرة مغلقة

عبد الرحيم الضاقية 

تعد كتب المذكرات مصادر أصيلة ونادرة عن التاريخ الوطني ، كم أنها تلقي الضوء على زوايا خفية من الذاكرة الجماعية التي غالبا ما يتم تناسيها من طرف التاريخ الرسمي . وفي هذا الإطار تندرج مبادرة مؤسسة آفاق للدراسات والنشر في رعاية وطبع وجمع مذكرات أحد المقاومين المغمورين الذين ساهموا من الهامش في مواجهة الاستعمار وولوج مرحلة الفداء خارج التنظيمات والإطارات المعروفة. وبالفعل أسعف العمر المقاوم عمر ووشن الذي يتجاوز عمره اليوم 82 سنة على خط أجزاء من هذه الذاكرة الجماعية عبر إصدار سماه «ذاكرة مقاوم : ولد أمادل من أمزميز القديم » . والمؤلف عبارة عن ذاكرة حية كشف فيه عن أسرار وخبايا مرحلة قبيل الاستقلال ثم ما بعدها والتي بقيت طي الكتمان لمدة تزيد عن 67 سنة . وفي لحظة من حياته قرر أن يبوح بكل تفاصيلها   خوفا من تحريفها  على حد قوله . وقد اختار لها أن تكون لوحة سردية تحكي عنه وعن المجال الترابي الذي ولد فيه وكبر فيه وفي لحظة قرر أن يفديه بعملية جريئة ضد رموز الاستعمار . وقد كتب المقاوم تاريخا للاماكن والشخوص التي عرفها بحيث تحولت هذه الذاكرة إلى صورة عن أمزميز وأهله من المحليين والأجانب المستوطنين عبر بوثقة رؤية شاب يافع يتردد على المدرسة القرآنية العتيقة بنفس المكان . وقد قسم الكتاب إلى 15 فصلا عبارة عن لوحات تاريخية واجتماعية وسياسية تعكس نباهة المؤلف وقدرته على الوصف  وخصب ذاكرته رغم مرور السنين ، وقد خصص فصلا كاملا للمغاربة اليهود في البلدة بذكر أسمائهم وعائلاتهم وأنشطتهم الاقتصادية وعلاقاتهم بجيرانهم من المغاربة في جو من التعايش المطبوع أحيانا بالانصهار التام وكنموذج فالساحة الرئيسية للبلدة لازالت إلى اليوم تحمل اسم «سويسو» وهو من كبار التجار المغاربة اليهود . كُتب الكتاب بعفوية كبيرة تطوي الزمن وتخلط المكان بالشخوص لتشكل لوحة متكاملة من الأحداث التي أفضت إلى لُب المُؤلف وهو العملية الفدائية التي نفذها مع رفيقه في ليلة 26 أكتوبر 1955 والتي كانت منعطفا في حياته وعلاقته بذاته والآخرين ابتداء من الأسرة والمكان الذي ولد وكبر فيه .  وتتميز الكتابة لدى سي عمر بتداعي الأفكار وعدم ذكر التواريخ إلا ما كان منها في الوثائق التي زين بها المؤلف الكتاب  ( صور – أشكال – جرائد …) . كأنما هذه الوقائع والأحداث وقعت في يوم واحد حيث كان نادرا ما يشير إلى الشهور والسنوات مما يحيل على حكي ذاتي قبل كل شيء . وتحمل هذه السيرة الذاتية معطيات خام يمكن استثمارها في كتابة التاريخ المحلي والوطني عبر إماطة اللثام عن فترات مغمورة أو منسية تم طمرها بواسطة تاريخ رسمي يحتفي بالحدث السياسي الأبرز ، ويسلط الضوء على أشخاص وأحداث دون أخرى مما يؤدي إلى تفتيت الذاكرة الجماعية وبترها أحيانا . لقد كانت هذه السيرة بوح حقيقي قرر سي عمر فك أسره في لحظة من حياته بعد أن كانت هذه الوقائع جراح غائرة في ذاكرته ووجدانه لم يجد لا السبيل ولا الإرادة لتقاسمها مع الآخرين. وعلى لسانه يقول انه كتبها « مخافة أن يستوفي اجلي ويستغلها البعض في تحريف وإخفاء الحقيقة عن الأجيال القادمة .. وإذا كنت غير واثق من مدى المتعة  في قراءة مذكراتي ، إلا أنني على يقين أنها صحيحة وصادقة وخالية من التحيز …». يذكر أن الكتاب يقع في 142 صفحة من القطع المتوسط من منشورات مؤسسة آفاق بمراكش ضمن دراسات تاريخية .

يمكنك ايضا ان تقرأ

مشروع القطار السريع بين مراكش وأكادير: خطوة جديدة عبر دراسة التربة بجنان أبريكة

نورالدين بازين شهدت منطقة سيدي غانم بمراكش، صباح