زيارة زعيم ميليشيا البوليساريو الإنفصالية إلى جنوب إفريقيا.. إهانة لكفاح الشعوب الإفريقية و خدمة للمصالح الإستعمارية المتجددة 

زيارة زعيم ميليشيا البوليساريو الإنفصالية إلى جنوب إفريقيا.. إهانة لكفاح الشعوب الإفريقية و خدمة للمصالح الإستعمارية المتجددة 

- ‎فيرأي, سياسة, في الواجهة
1015
التعليقات على زيارة زعيم ميليشيا البوليساريو الإنفصالية إلى جنوب إفريقيا.. إهانة لكفاح الشعوب الإفريقية و خدمة للمصالح الإستعمارية المتجددة  مغلقة
بقلم : البراق شادي عبد السلام
▪️ المغرب / جنوب إفريقيا : تاريخ مشرق و حاضر مؤسف و مستقبل على المحك:
في عهد بطل التحرير الملك محمد الخامس قام زعيم جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا بزيارات متعددة للمغرب حيث إستقبله آنذاك  وزير الدولة المكلف بالشؤون الأفريقية الدكتور عبد الكريم الخطيب، فمُنح له جواز سفر مغربي للتنقل في مختلف الدول الإفريقية سنوات نضاله ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
زيارات مانديلا للمغرب كانت بهدف توفير الدعم المالي و اللوجستيكي و تدريب مقاتليه المنتسبين إلى منظمة رمح الأمة (أومكهونتو ويه سيزويه) التي شكلت الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الإفريقي في الأراضي المغربية إلى جانب القوات التابعة لجبهة التحرير الجزائري التي كان مقاتلوها يخضعون لتداريب من طرف ضباط في القوات المسلحة الملكية المغربية بأمر من الراحل محمد الخامس في  القواعد التي أقامها المغرب لجنود ثورة الجزائر  في مختلف مدن الشرق المغربي كتندرارة و إيش و فكيك  و تويست بوبكر و الزاوية بتافوغالت و بوعرفة و مركز جنان عبد الله ديدي و مراكز أخرى .
مانديلا تلقى تدريبات في مركز الزاوية بتافوغالت قرب بركان على يد ضباط من الجيش المغربي إلى جانب الهواري بومدين و محمد بوضياف و أحمد بنبلة و عبد العزيز بوتفليقة و  شيخ محمد خير الدين و رابح بيطاط و يوسف دالي و  جمال بن جقجي و عقيد علاهم محمد و مختار بن سعيد و عبد اللطيف بسايج و  عربي طيبي و عبدالجليل خلايجي و عبد الحليم (ومران) وخالد بن علي و سعيد حديدي و  ملازم أول بوزيان .
الدعم المغربي لإستقلال الدول الإفريقية من الإستعمار و قد كان جزءا من إلتزام الراحل محمد الخامس بطل التحرير  مع شعوبها حيث إستضافت الدار البيضاء قمة الوحدة الإفريقية في يناير 1961 الذي إنصبت أشغالها على تعبئة الجهود التحررية بإفريقيا لإنهاء الحالة الاستعمارية بالقارة و تحقيق الوحدة الإفريقية، هذا المؤتمر يعتبر لبنة أساسية في مجهودات قيام  منظمة الوحدة الإفريقية حيث حضر هذا المؤتمر-الحدث خمسة زعماء دول إفريقية كبار، هم:  الملك محمد الخامس و جمال عبد الناصر (مصر) ، موديبو كيتا (مالي)، سيكوتوري (غينيا) ،نكروما (غانا)  إضافة إلى فرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة.
فتشكلت، بفضل هذا الحضور، “مجموعة الدار البيضاء” ذات التوجه التحرري الثوري الإفريقي، مقابل مجموعة مونروفيا الموالية للخط الإستعماري الإمبريالي .
 بعد خروج نيلسون مانديلا  من السجن و سقوط نظام الفصل العنصري و تولي حزب المؤتمر الوطني الإفريقي  مقاليد الحكم حافظ على علاقات وطيدة مع المغرب ملكا و حكومة و شعبا و هو ما أكدت عليه برقية تعزية جلالة الملك محمد السادس إلى الرئيس السابق جاكوب زوما ” “أنه خلال توليه مقاليد الحكم، احترم الراحل شرعية المغرب في صحرائه ولم يرغب أبدا في الاعتراف أو دعم تقسيم أو تجزيء بلادي ..// بعد ما عانق الحرية، حرص الفقيد في نونبر 1994 على زيارة المملكة للتعبير عن امتنانه لها لتضامنها اللامشروط مع شعب جنوب إفريقيا الشقيق. وبهذه المناسبة، قلده والدنا المغفور له جلالة الملك، طيب الله مثواه، بأعلى وسام للمملكة، كعربون على كفاحه الاستثنائي من أجل المساواة والعدالة”. إنتهت البرقية .
على هامش أشغال القمة الخامسة المشتركة للإتحاد الإفريقي و الإتحاد الأوروبي بأبيدجان سنة 2017 إستقبل جلالة الملك محمد السادس الرئيس الجنوب الإفريقي جاكوب زوما حيث قرر القائدين تنحية الخلافات السياسية جانبا و العمل على بناء علاقات ديبلوماسية بين دولتين محوريتين في إفريقيا يحمل التعاون بينهما مستقبلا واعدا لشعوبها على أساس تعاون جنوب / جنوب و مبدأ  رابح رابح .
قرار جلالة الملك كان إستراتيجيا حيث كان الضربة الاولى لكسر  حلقة مهمة في محور بريتوريا – لاغوس – الجزائر  المعادي للوحدة الترابية إنطلاقا من رؤية تنموية صادقة و في إطار خطة  متكاملة لمحاصرة الطرح الإنفصالي في معسكر الدول الأنجلوفونية الحليفة للجزائر و جنوب إفريقيا مثل كينيا و رواندا و أثيوبيا و نيجيريا و دول أخرى .
كان لابد من هذه المقدمة التاريخية المشرقة و المشرفة لتاريخ البلدين قبل أن نتطرق إلى التداعيات السلبية  لزيارة زعيم ميليشياة البوليساريو الإنفصالية إلى دولة جنوب إفريقيا مبعوثا من نظام شنقريحة عبر طائرة للخطوط الجوية الجزائرية و إستقباله من طرف الرئيس الجنوب الإفريقي ماتاميلا سيريل رامافوزا.
▪️زيارة إبراهيم غالي إلى جنوب إفريقيا إساءة لكفاح الشعوب الإفريقية :
لا يختلف إثنان على أهمية النضال العظيم الذي خاضه الشعب الجنوب إفريقي في مواجهة نظام الفصل العنصري – الأبارتايد – بين عامي 1948 و 1993 بقيادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي يعتبر ملهما لكل الشعوب في العالم المحبة للسلام و الامن و الحرية و هو مأكد عليه نيلسون مانديلا في بيان ألقاه  أمام محكمة بريتوريا سنة 1962 قائلا : ” ما يكافح المؤتمر الوطني الأفريقي من أجله هو الحرية و العيش الآمن . وكفاحه كفاح وطني حقيقي. بل هو كفاح الشعوب الأفريقية، المستوحى من معاناتها وتجاربها الخاصة. إنه كفاح من أجل الحق في العيش.” .
رمزية كفاح شعب  جمهورية جنوب إفريقيا و صدق نضال شعبها و قدرتها على بلورة نموذج تنموي رائد في جنوب إفريقيا يجعل من زيارة إبراهيم غالي تحمل الكثير من علامات الإستفهام و تطرح العديد  من الإشكالات الأخلاقية و السياسية .
النظام الجنوب الإفريقي بعد قراره التاريخي بإلغاء نظام الميز العنصري و بناء دولة جديدة على قيم جديدة إستطاع أن يحافظ طوال السنوات السابقة على تفرد تجربته و وضوح أسلوبه و تمسكه بقيمه الإنسانية و النضالية المستمدة من مرجعية الكفاح الإنساني لمئات الآلاف من المعتقلين و عشرات الآلاف من القتلى و المفقودين .
لكن ان يتم  إستقبال مجرم حرب يقود ميليشيا إنفصالية بتندوف تورط و يتورط قادتها و أفرادها في قضايا دولية ضد الإنسانية و جرائم الإبادة و التهجير القسري و الإختطاف و الإغتصاب و التعذيب ترقى لجرائم حرب و حيث تقوم هذه الميليشيا بإحتجاز عشرات الآلاف من المدنيين العزل كرهائن في مخيمات تفتقر لكل مقومات العيش الكريم  يعيشون في ظروف غير إنسانية بالإضافة إلى إنتشار ظاهرة الرق و الإتجار في العبيد بين قياداتها .
كل هذه المعطيات تساءل الضمير الإنساني داخل جنوب إفريقيا حيث تقوم بريتوريا بتقديم حبل نجاة وهمي لن يطول تأثيره لرجل غارق في عزلة إقليمية يقود ميليشيا لا تؤمن بالديمقراطية و مبدأ  التداول السلمي للسلطة و بدون موقف سياسي أو عسكري واضح يعيش حالة متقدمة من متلازمة الإنكار ..
التجربة الديمقراطية لجمهورية جنوب إفريقيا تستحق الإحترام و الإجلال و التقدير برموزها  الوطنية و شرعيتها التاريخية و نموذجها التنموي و الإقتصادي الصاعد والمؤثر في المحيط الإقليمي جنوب القارة الإفريقية و القاري،في وضع مشابه تعيشه المملكة المغربية في شمال القارة الإفريقية  بشرعية تاريخية  و ملكية حامية لدولة ذات سيلدة و شعب متفرد  هي عوامل تؤثث الإستقرار المغربي الذي يدعمه نموذج إقتصادي يتميز بالمرونة و مؤثر بشكل كبير على محيطه الإقليمي رغم التحديات و المطبات التي تضعها القوى الإستعمارية في طريق تقدمه منذ أن إتخذ المغرب سياسة إفريقية أكثر وضوحا و نزوعا لمصالح شعوبها .
لذا فالزيارة الإستعراضية التي يقوم بها زعيم ميليشيا  تندوف هدفها أساسا إكتساب شرعية داخل المخيمات في حملة سياسية سابقة لأوانها قبيل مؤتمر الجبهة السادس عشر الذي ينعقد في سياق عام يطبعه تدهور كبير في قدرة الميليشيا على تدبير الوضع داخل المخيمات و ظهور تصدعات قبلية في هياكلها التي تحولت لوحدات عشائرية  مستقلة و متناحرة  خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقتها بعد فشل حربها الزائفة في الصحراء المغربية ، التي خسرت فيها البوليساريو عدة مكاسب سياسيةوديبلوماسية وقانونية و عسكرية على المستوى القاري و الدولي .
إستخدام رمزية جنوب إفريقيا من طرف قيادة الميليشيا  في هذا التوقيت يأتي لخدمة أجندات داخلية تخدم مصالح جماعة إبراهيم غالي و العناصر المرتبطة بالمخابرات الجزائرية داخل المخيمات لذا تسعى هذه الأخيرة لتنظيم حملة علاقات عامة قارية من أجل تثبيت سلطته بخلط الأوراق و إستخدام كل الوسائل لإظهاره بصورة رئيس دولة يحظى بإحترام ما ..
▪️ العلاقات الجزائرية – الجنوب إفريقية مفتاح لفهم زيارة إبراهيم غالي لبريتوريا : 
لا توجد في الواقع علاقات بين جنوب إفريقيا و ميليشيا تندوف، من يريد أن يفهم الوضع أكثر عليه النظر للعلاقات الجزائرية الجنوب – إفريقية و مدى تطور التنسيق على جميع المستويات بينهما في الآونة الأخيرة،  العديد من القضايا المشتركة تهم الجانبان خاصة مواجهة التمدد المغربي في إفريقيا حيث أصبح المغرب بحكم موقعه الجغرافي و تاريخه الإفريقي المشترك من الدول الأكثر حضورا و تمثيلا  للقارة الإفريقية و شعوبها في المنتظم الدولي خاصة في الترافع على القضايا الإفريقية المشتركة كالتغير المناخي و التنمية المستدامة و الأمن و مكافحة الإرهاب و التطرف و الهجرة حيث يعتبر جلالة الملك محمد السادس رائد الهجرة الإفريقية بقرار من الدول الإفريقية مجتمعة .
بالنظر إلى العلاقات بين بريتوريا و الجزائر  العاصمة تتكشف الكثير من خيوط اللعبة الخفية التي تلعبها المخابرات الجزائرية للإضرار بالمصالح العليا للمغرب في مختلف الميادين و الساحات الديبلوماسية .
 على هامش قمة بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي قررت دول جنوب إفريقيا و الجزائر و أثيوبيا و نيجيريا  تأسيس “مجموعة الأربعة G4“، للتشاور والتنسيق من أجل حلول عملية وفعالة لمختلف القضايا التي تواجه القارة الأفريقية لكن الملاحظ أن هذا التحالف الرباعي الجديد ولد ميتا فاغلب الدول المشكلة لهذا التحالف الهجين تعج بمشكلات داخلية عميقة وأخفقت في التوافق  لحل أزماتها الداخلية و الخارجية ،  وذلك بالهروب إلى الأمام  و العمل على  تقديم مقاربات لمشاكل الآخرين عبر تحالف رباعي تختلف وجهات نظر مؤسسيه حول العديد من القضايا المصيرية للقارة كملف الأمن المائي و العلاقات مع إسرائيل و قضايا حقوق الإنسان و المقاربة الأمنية الناجعة لمكافحة الإرهاب و الجماعات المتطرفة .
ما يهمنا  هنا هو التنسيق الجزائري الجنوب إفريقي الذي يتكأ على تاريخ مشترك من الكفاح و النضال ضد الإستعمار لكن بدون بوصلة سياسية واضحة حيث يتفقان اليوم على دعم حركة إنفصالية تخدم مصالح الإرث الإستعماري البغيض رغم وجود تنافر خفي و تباين عميق  في الأجندات المختلفة للطرفين .
و رغم التحفيزات الجزائرية للشركات الجنوب الإفريقية بأن تشارك  على إعادة تشييد البنى التحتية الجزائرية بعقد  بقيمة أربعين مليار دولار في عهد بوتفليقة بالإضافة للعديد من التسهيلات  الضريبية لكن تبقى جاذبية الإقتصاد الجزائري ضعيفة بسبب الفساد البنيوي الذي ينخر الدولة الجزائرية و سيطرة الفكر العسكرتاري على مفاصل الدولة و المجتمع مما يحول دون تطور هذه العلاقات لتأخذ بعدا إستراتيجيا .
الملاحظ انه هناك شبه إتفاق بين محور بريتوريا / الجزائر على تحجيم دور المغرب قاريا فالتقدم الكبير الذي حققه المغرب في إفريقيا و خاصة في شرقها و جنوبها أصبح  يزعج مراكز القرار في بريتوريا و جوهانسبورغ كما أن قوة و مرونة و جاذبية الإقتصاد المغربي أصبحت تشكل منافسا حقيقيا لقوة الإقتصاد الجنوب إفريقي في القارة .
التمدد الجيوسياسي المغربي في إفريقيا بإستخدام قنوات ديبلوماسية متعددة الأطراف كالإتفاقات الإقليمية و القارية المرتبطة بالمناخ و العودة القوية إلى منظمة الإتحاد الإفريقي و التموقع الجيد في هياكله القارية و الإنخراط الجدي في التكتلات الإقليمية الجديدة كمجموعة دول إفريقيا الأطلسية و مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري بتداعياته التنموية الإيجابية  على غرب إفريقيا و مناورات الأسد الإفريقي و هيمنتها على المجال الأمني المفتوح في الصحراء الإفريقية و الساحل و نجاح نهج ديبلوماسية القنصليات و الزخم  السياسي المصاحب لها كلها ملفات تشكل أمام جنوب إفريقيا تحديات قارية و تعمل جاهدة على وقف تأثيرها على تموقعها السياسي كدولة رائدة إفريقية .
كل هذه المعطيات تزعج محور بريتوريا / الجزائر  الذي يرى في المغرب بتوجهاته السياسية و الإقتصادية مهددا لمصالحه و بالتالي  فإستدعاء مبعوث شنقريحة زعيم ميليشيا تندوف و بروزته و تلميعه في هذا التوقيت هو محاولة لتحجيم دور الرباط المتعاظم قاريا و الضغط عليها سياسيا لتحقيق مكاسب إقتصادية في السوق المغربية الواعدة .
فزيارة إبراهيم غالي إلى جنوب إفريقيا لها هدف وحيد هو  تلميع صورته الحقوقية البشعة التي كشفها  العمل الجدي للديبلوماسية المغربية على جميع المستويات بالإضافة إلى المجهودات القيمة لبعض المنظمات المدنية المغربية  الجادة و الإعلام المغربي الملتزم بالقضايا الوطنية ..
زيارة المدعو إبراهيم غالي إلى بريتوريا يخدم مصالح الجزائر و جنوب إفريقيا لسبييبن :
– أنبوب الغاز المغربي النيجيري و تقدم الدراسات التقنية في مشروع الربط القاري بالإضافة لمشروع تصدير الكهرباء لبريطانيا الشريك الأساسي لجنوب إفريقيا و مناورت الاسد الإفريقي و الزخم الديبلوماسي المغربي في الإتفافيات المتعددة الأطراف الدولية كلها عوامل تزيد من النفوذ المغربي بإفريقيا و تجعله مخاطبا موثوقا من القوى الدولية إفريقيا مما ينسف الأحلام البومدينية التوسعية لجنرالات الجزائر  و يهدد النفوذ الجنوب إفريقي في قارة إفريقيا بإعتبارها صوت الشعوب الإفريقية في العالم .
ما قام به المغرب في  الآونة الأخيرة لكشف ممارسات ميليشيا البوليساريو الإر/ هابية أزعج النظام الجزائري و كراكيز تندوف و أصابهم في مقتل ، لذا تنظيم النظام الجزائري لهذه الزيارة في هذا التوقيت المرتبط بتحديات داخلية في تندوف و تصويت مجلس الأمن على قرار جديد يهم الصحراء المغربية بهدف وحيد هو إظهار أن ميليشيا البوليساريو غير معزولة دوليا و قادرة على التحرك في هامش محدود لكنه مؤثر ..
– حسابات الداخل لكل من ميليشيا البوليساريو و الجزائر و جنوب إفريقيا ..كل هذه الاطراف لديها تحديات داخلية مصيرية ، إبراهيم غالي يريد تثبيت أركان قوته في المخيمات خاصة بعد الهزائم العسكرية و السياسية التي تلقاها من المغرب في السنوات الأخيرة ، الجزائر تريد تقديم شيئ للشعب الجزائري يبرر تبديد  مليارات الدولارات التي يتم صرفها لدعم قضية لا علاقة لها بالمعيش اليومي و الازمة الإقتصادية الخانقة و جنوب إفريقيا لديها تحديات إنتخابية داخلية جد معقدة و متداخلة مرتبطة بالوضع الإقتصادي و تعثر جهود مكافحة الفساد و رغبة الشعب في التغيير .
▪️ لعبة الإنتخابات و التوازنات السياسية  تجعل إبراهيم غالي و مشغليه كرة رخيصة بين أرجل السياسيين في بريتوريا  : 
في تقرير سابق نشرته مجلة  jeune afrique  عدد 26 ديسمبر 2021 بعنوان : سيريل رامافوزا : الأسرة، الممولين  الحلفاء السياسيين ..شبكة رئيس جنوب إفريقيا تتم الإشارة إلى  السيد باتريس موتسيبي قطب التعدين و أغنى رجل أعمال في جنوب إفريقيا رئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم و صهر الرئيس و أحد أكبر داعميه  و المالك الرئيسي لعملاق التأمينات الإفريقي سانلام التي إشترت حصة مهمة من عملاق التامين المغربي شركة سهام سابقا في صفقة أسالت الكثير من المداد.
الإنتخابات المقبلة في جنوب إفريقيا سيتم تنظيمها  في  2024 حيث يطمح رامافوزا إلى إعادة إنتخابه لكن قبل الوصول لمحطة الإنتخابات الرئاسية  فإن الميلياردير و رجل الأعمال سيريل رامافوزا مطالب بالحفاظ على  قيادة الحزب الحاكم وسط منافسة قوية من شخصيات سياسية قوية في المشهد الجنوب الإفريقي كالرئيس السابق ثابو مبيكي حيث يؤكد  المطلعون في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إن مبيكي وجد أتباعًا جددًا داخل الحزب  ممن ينتقدون رامافوزا لكنهم يرفضون الإرتباط بمؤيدي زوما المتابع في ملفات فساد، على الرغم من أنه لا يشغل منصبًا منتخبًا في الحزب ، إلا أن مبيكي ، كرئيس سابق ، هو عضو مدى الحياة بحكم منصبه في اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب. بصفته أحد شيوخ الحزب ، فإنه يدعم حملة “التجديد” للحزب لتخليص نفسه من القادة الفاسدين.
 وزيرة  السياحة ليندبوي سيسولو التي تطمح لتكون أول إمرأة تترأس جنوب إفريقيا و أثارت جدلا كبيرا بتصريحات مهينة للقضاء سابقا إبن الرئيس السابق جاكوب زوما دودوزان زوما  الذي يقدم نفسه كصوت للشباب بالإضافة للأمين العام السابق للحزب إيس ماغاشول الذي يعتبر مهندسا للإنتخابات في العديد من المقاطعات المؤثرة و القوية و وزير الصحة السابق المقال بسبب شبهات فساد زويلي مخيزي .
وراء هذه الوجوه السياسية يوجد العديد من رجال الأعمال الذي يدعمون الحزب في مساعيه للبقاء في السلطة أهمهم روبرت جوميد  ومؤسس شركة تكنولوجيا المعلومات Gijima Technologies و كولين كولمان ، الرئيس التنفيذي السابق لـفرع الصندوق الإستثماري  Goldman Sachs لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء و مارتن كينغستون هو الرئيس التنفيذي لشركة Rothschild South Africa ويترأس حاليًا مؤسسة أعمال جنوب إفريقيا و بوبي جودسيل رئيس سابق  لشركات تشتغل في مجال التعدين ، نيكي أوبنهايمر أهم رجال الأعمال المشتغلين  قطب التعدين و المناجم في إفريقيا و أحد أغنى أغنياء إفريقيا  و ريموند أكرمان صاحب سلسلة متاجر Pick n Pay و سيفيسو  دابينجوا ، الرئيس التنفيذي السابق لشركة الاتصالات السلكية واللاسلكية MTN و غافن واتسون ، المدير التنفيذي السابق لبوساسا الذي تعرض لمحاكمات عديدة بالفساد ، جوني كوبلين ، الرئيس التنفيذي لشركة Hoseken Consolidated Investments ومدير قناة الأخبار التلفزيونية eNCA  و ماريا راموس  ، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة Absa Bank و مايك تيك ، الرئيس التنفيذي لشركة تعدين الفحم  و  مان ديبيكو ، رجل أعمال ورئيس وزراء سابق لمقاطعة كيب الشمالية ، أندرو كروفورد برنت ، عضو مجلس إدارة شركة Sygnia Media  و ستافروس نيكولاو ،مدير تنفيذي في شركة Aspen Pharmacare مارك لامبرتي ، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Imperial Holdings ومؤسس Massmart Group.
مع إقتراب موعد الإستحقاقات الداخلية في جنوب إفريقيا و إحتداد التنافس علل  كرسي الرئاسة و الإستقطاب بين صقور و حمائم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي فإن العديد من الملفات التي تختلف فيها وجهات النظر بين المعسكرين  أصبحت تشكل عناصر للمزايدات السياسية و الإنتخابية كالأزمة الإقتصادية و العنف الداخلي و قضايا خارجية  دولية و إفريقية حيث يتم إعتبار النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية للمغرب كقضية توليها وزارة الخارجية الإهتمتم و تعمل على دعم جبهة البوليساريو الإنفصالية في مختلف الميادين .
كما أن باقي الأحزاب الأخرى تعاني إشكالات بنيوية  ستؤثر على تحالفات  رامافوزا و بالتالي ستؤثر بشكل كبير على حظوظه من أجل الفوز بولاية ثانية أو على الأقل ستفقده أغلبيته المريحة في البرلمان فحزب التحالف الديمقراطي بعد تنصيب ستيف ستينهاوزن كرئيس للحزب فقد العديد من الوجوه القيادية الزنجية الشابة التي كانت تؤثث المشهد الحزبي   مثل ماكاشول جانا  عضو سابق في البرلمان مموسي ميمان الرئيس السابق للفريق المعارض في البرلمان و  لينديوي مازيبوكو رئيسة الفريق البرلماني و  مرشحة الحزب لمنصب الرئيس مبالي نتولي .
حسب خبراء فإن فشل رامافوزا في تأمين الاغلبية في الإنتخابات المقبلة سيؤثر بشكل كبير على التوازنات المجتمعية في جنوب إفريقيا و قد يؤدي إلى إضطرابات شعبية على غرار الربيع العربي كما صرح الرئيس السابق ثابو مبيكي السابق بأن الظروف مهيأة في جنوب إفريقيا لإنقلاب محتمل على غرار الربيع العربي – ويشاركه في وجهة نظره عدد من القادة السياسيين ورجال الأعمال المؤثرين في البلاد  خاصة مع إرتفاع معدلات البطالة لأرقام  بلغت 63.9٪ لمن تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عامًا و 42.1٪ لمن تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عامًا في الربع الأول من عام 2022 كما أن معدل بلغ معدل التضخم السنوي للأسعار بلغ  6.5٪ في مايو 2022 ، وهو أعلى معدل في خمس سنوات .
مما جعل أجهزة المخابرات الجنوب الإفريقية تقوم بإعادة تقدير الموقف الأمني في البلاد .
القرار الديبلوماسي في جنوب إفريقيا بالإضافة للدائرة المقربة جدا من الرئيس سيريل رامافوزا يعتمد على الرباعي المخضرم المكون من السيدة ناليدي باندورا وزيرة الخارجية و جيف راديبي صهر الرئيس و المبعوث الخاص لرئيس الدولة و خولو مباثا المستشار الخاص للرئاسة المكلف بالشؤون الخارجية و إرميا كينجسلي مامابولو ممثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور وممثل جنوب إفريقيا لدى الإتحاد الأفريقي و بالتالي فقرار إستقبال إبراهيم غالي زعيم ميليشيا تندوف الإنفصالية ليس إلا لعبة سياسية داخلية بإمتدادات خارجية تصل إلى مداخيل الجزائر من الغاز و النفط و صفقات تبحث عنها جنوب إفريقيا في المغرب و صراع حول كرسي الحكم بين مختلف الأطراف السياسية و الغير السياسية في بريتوريا .
في الجانب الأهم من القصة تظل الصحراء في مغربها و المغرب في صحراءه بمجال جغرافي عبارة عن ورش تنموي مفتوح تحت السيادة المغربية من الحدود الموريتانية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا بوجود أكثر من 28  قنصلية لمختلف الدول من إفريقيا و العالم .
اليوم جنوب إفريقيا تسير عكس التيار في مايخص قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية و تدخل العلاقات المغربية الجنوب إفريقية الواعدة و الحبلى بالتحديات الإستثمارية الكبرى في نفق مسدود خاصة و أن المملكة المغربية بلغة واضحة و مسؤولة أصبحت تعتبر قضية الصحراء خطا أحمر يحدد طبيعة علاقاتها الخارجية .

يمكنك ايضا ان تقرأ

مركز الدرك الملكي الجديد بجماعة السعادة: درع أمني يعزز الاستقرار ويواكب التحولات

نورالدين بازين في تحول نوعي يعكس الأهمية الاستراتيجية