حين يتعايش السائح الأوروبي مع الهوية المراكشية

حين يتعايش السائح الأوروبي مع الهوية المراكشية

- ‎فيفي الواجهة, منوعات
447
التعليقات على حين يتعايش السائح الأوروبي مع الهوية المراكشية مغلقة

محمد تكناوي.

توحد مجموعة من المقيمين الاجانب في مراكش, من الفرنسيين والبلجيكيين والالمان، والاسبان وحتى الدنماركيين والفلنديين، مع مدينة مراكش بتاريخها والوانها و شمسها، عاداتها واعرافها وسكينتها، وبسحر حاضرها، واصالة ثراتها فاختاروها مأوى دائما لهم .
وباتوا يلبسون الجلباب والبلغة والجابادور، ويعرفون اسرار كل الوصفات المطبخية المراكشية، بدءا من الحريرة الى الطنجية، مرورا بالبيصارة والبسطيلة والطاجين والقمامة بفتح القاف، بل اصبح البعض منهم يعرف الأسرار العجائبية والتجارية التي تنطوي عليها مجموعة من أسواق المدينة وجوطياتها وحاراتها، وفنادقها، حيث تباع السلع باثمان تخفيضية او عن طريق الدلالة ، صاروا مثل المغاربة في تصرفاتهم ونمط حياتهم، يخالطون المراكشيين في الدروب، ويتسامرون معهم في حلقات جامع الفنا، ويزاحمونهم في الحافلات وبالكوتشي ويركبون الدراجات الهوائية والنارية، بل يشترون السجائر ومخفض الحرارة”دوليبران” بالتقسيط، في محاكاة للمراكشيين في افعالهم، ونمط عيشهم، و في غياب احصائيات رسمية، يقدر عدد الاجانب المستقرين بمراكش بحوالي ثمانين الف مقيم، معظمهم فرنسيون وبلجيكيون، وامام مغريات الطفرة العقارية التي عرفتها مراكش، كمدينة معولمة عمد مجموعة من المراكشيين إلى بيع رياضاتهم ومنازلهم العتيقة باثمنة خيالية واللجوء الى الأحياء العصرية خارج الاسوار التاريخية، في أحياء اسيل، وسيدي عباد واسيف والسعادة والشرف والمسيرات، بل فضل آخرون السكن في المدن الكوكبية داخل النسيج الكبير لمراكش، كتامنصورت وحربيل والعزوزية والافاق، والواقع أنه في مراكش، لم يكتف بعض الاجانب بالاقامة والسكن داخل هذه الدور العتيقة، بل حولوا عدد منها الى مطاعم وبازارات، بعد ان رمموا معالمها واعادوا لها مواصفات وفق المميزات والخصوصيات الثقافية والعمرانية العتيقة.
و الى جانب المقيمين الاوروبيين العاديين ، هناك العديد من المشاهير الذين وقعوا في اسر المدينة الحمراء، ولم يقدروا على مغادرتها فقرروا المكوث بها ، وتلج على ذاكرتي أسماء كثير، من بينها ، جاك ماجوريل الذي زار مراكش للاستشفاء من مرض الربو ، فسحرته المدينة ليستقر بها ويوظف رونقها لصالح موهبته في الرسم ، مخلفا بها إحدى التحف العالمية الجميلة ، والمتمثلة في حديقة ماجوريل التي تعهدها بعده إيف سان لوران.
اذكر ايضا الفنان والكاتب اليوناني الشهير” رونيه أولوج ” الذي استقر بها منذ العشرينات من القرن الماضي، واندمج بشكل عميق مع ساكنتها , حيث كان يجيد التحدث باللغة الدارجة والأمازيغية لأنه كان يرغب في مخاطبة أبناء البلد بلغتهم . وبمراكش أنجز أهم لوحاته التي استقطبت اهتمام كبريات صالات العرض والأروقة .
لائحة هؤلاء المشاهير الذين سحرتهم مراكش طويلة جدا ويصعب حصرها ، لكن هناك أسماء ظل صداها يتردد كثيرا بفضاءاتها ، منهم “لاشوفيير” حفيد ألفريد دوميسيه ، وماريا قدامة أرملة الكاتب خورخي بورخيص والكاتب والمفكر الإيطالي إمبرتو إيكو وتينيسي وليامز وأرملة الشاه إيران والممثل ألان دولون والفيلسوف برنار هنري ليفي ودوقة النمسا والمخرج ألفريد هيتشكوك الذي يذكر سكان حي المواسين إلى اليوم تردده على مقهى “زروال ” الذي يوجد بمدخل الصباغين على مقربة من السقاية التاريخية لهذا الحي ، وادمانه على كؤوس النعناع به .
في الختام قد يتساءل القارئ لماذا لم ندرج اسماء معروفة اخرى كخوان غوتصيللو وبرت فلينت وهانس كيرتس، لسبب بسيط هو ان هؤلاء أضحوا مراكشيين ولم يعد احد يعتبرهم مقيمين اجانب، بل اكثر من ذلك أنهم اصبحوا يعتبرون سياحا في بلدانهم الأصلية حين يقومون بزيارتها.

يمكنك ايضا ان تقرأ

مركز الدرك الملكي الجديد بجماعة السعادة: درع أمني يعزز الاستقرار ويواكب التحولات

نورالدين بازين في تحول نوعي يعكس الأهمية الاستراتيجية