بقلم .عبد الكبير الميناوي
شكلت تجربة “الإخوان ميكَري”، في شكلها وتوجهها الفني، إضافة مميزة وتنويعا جميلا في مسار المجموعات الغنائية التي ميزت المشهد الغنائي لمغرب ما بعد الاستقلال.
هي تجربة فنية متميزة، لكنها، أيضاً، تجربة حياة وتطلعات وأحلام، تحقق بعضها وأجهض بعضها الآخر. تجربة يشدد كثيرون، في ما يُشبه الاقتناع الممزوج بحسرة المتتبع، على أنها لم تـُـستثمر بالشكل المطلوب، هي التي جاءت اختيارا موسيقيا راقيا واجتهادا مغايرا للمناخ الموسيقي السائد، في زمن كان فيه شباب تلك الفترة حائراً بين موسيقى الشرق ورياح الغرب.
تنقل حكاية “الإخوان ميكَري”، التي انطلق مسارها الغنائي في بداية ستينيات القرن الماضي، لحكاية فنية حاول من خلالها كل من محمود وحسن، ثم جليلة ويونس، أن يضيفوا شيئا وأن يجتهدوا تأكيدا للمسار وإنجاحا للاختيار.
انطلقت التجربة بمحمود وحسن، قبل أن تلتحق بهما جليلة في منتصف الستينيات، ويلتحق بالثلاثة، في مطلع السبعينيات، شقيقهم الرابع، يونس، لتكتسب المجموعة شهرة تخطت حدود المغرب، قبل أن يتراجع الحضور الجماعي ويتفرق الجهد الفني في أعمال فردية أكدت المؤهلات الفردية لأعضائها، وهي تلامس السينما والكتابة والتشكيل والغناء الموسيقى التصويرية، وغيرها.
تجربة غنية
قبل سنوات قليلة، كنت دونتُ جانباً من حكاية “الإخوان ميكَري”، مجسدة في محمود وحسن وجليلة ويونس. حوارات اختلطت فيها الذكريات الخاصة بالقناعات والاختيارات الفنية، في ارتباط بجزء مهم من تاريخ البلد والمنطقة المغاربية، انطلاقاً من خمسينيات وجدة، وصولاً إلى ستينيات الرباط، وما تلاها.
في حديثهم عن تجاربهم الفردية والجماعية، بدا كل فرد من هذه المجموعة الغنائية، التي أمتعت أجيالا من المغاربة، خزانا من الذكريات والأحداث والقناعات، بشكل ينقل لقيمة وتفرد مجموعة فنية كان لها سبق التميز والتألق في اقتراح لون موسيقي مختلف، في مغرب ستينيات القرن الماضي، خلف لعشاق الفن الجميل عشرات الأغاني، التي بقدر ما أغنت ريبرتوار الموسيقى المغربية، وصل الإعجاب بها من طرف عدد من فرق وفناني الشرق والغرب حد “السطو” عليها.
حكم الزمن
في الوقت الذي يرى فيه بعض المهتمين بتاريخ المجموعات الغنائية في المغرب أن “تجربة “الإخوان ميكَري” سبقت زمنها”، وأن المجموعة كانت “ضحية مجيئها في غير وقتها”، يصر المعنيون بالأمر على خلاف ذلك. بالنسبة ليونس ميكري، فـ”التجربة جاءت في الوقت الذي كان ينبغي لها أن تظهر فيه. من عادة المبدع أن يأتي في غير الزمن المنتظر. كما أن من خصوصيات الإبداع أن يكون خلاقاً ومستبقاً لواقع الحال”؛ قبل أن يتابع: “نحنُ جئنا بتوجه موسيقي جديد، حين أطلقنا أغنيات شبابية وقصيرة”.
من جهته، يقول محمود ميكري، متفقا مع كلام شقيقه الأصغر: “لم نذهب ضحية عصرنا. لو لم نأت في ذلك الوقت لما كنا نموذجا موسيقيا للشباب المغربي فيما بعد. نحن جئنا في وقتنا. كنا نعيش عصرنا، وهو عصر لمعت فيه فرق شهيرة وفنانون متميزون عبر العالم. نحن نموذج لتفكير شبابي مغربي أراد أن يكون ابن زمنه، وربما تقدمت أكثر، فقلت إن ظهور “الإخوان ميكري” فتح الباب أمام التجارب والمجموعات الغنائية لكي تبرز في الساحة، فنحن فتحنا أعين عدد من الفنانين المغاربة على حقيقة أن تواجد ثلاثين فردا ليس شرطا للغناء، وأن كل التعقيدات التي ظلت ترافق النمط العصري الستيني، لا ينبغي أن تشكل شرطا تعزيزيا أمام الفنانين الذين يحملون رغبات تعبيرية مغايرة، من حيث العمق والشكل الفني، الشيء الذي تأكد مع ظهور مجموعات رائدة ومتميزة، مثل “ناس الغيوان” و”جيل جيلالة”، وغيرهما. لقد شكل حضورنا الفني اندفاعاً متقدما للتفكير في انطلاقة مغايرة وجديدة للأغنية المغربية نحو آفاق أخرى. اشتغلنا بآلات غربية. وقد كان استعمالنا لهذه الآلات حقاً ولم يكن انسلاخاً عن هويتنا، كما اعتقد البعض. إذ، كيف نستفيد مجتمعيا من آخر الصيحات والمنتجات الصناعية والتكنولوجية، ونمنع ذلك على الفنانين؟”.
ما بين وجهة نظر المتتبعين وقناعة المعنيين بالأمر، هل علينا أن “نحاكم” المبدع، لأنه اقترح علينا إبداعا خرج به عن مألوف زمنه، أم “نلوم” المتلقي الذي، ربما، لم يعرف كيف يساير أو يدرك قيمة ما اقترح عليه من جديد فني وأدبي؟ ألم يتكرر حدوث مثل هذا الأمر عبر التاريخ؟ ألم يحدث هذا مع فينسنت فان غوغ، بالشكل الذي اختصره مشهد في فيلم “عند بوابة الخلود”، لمخرجه جوليان شنايبل وبطولة ولييم دافوي، والذي توفق في رسم سيرة لهذا الفنان الهولندي الذي لم يجد، تقريبا، من بين مجايليه من يؤمن بقيمته واختياراته الفنية؟ في هذا المشهد المؤثر والمعبر، من فيلم “عند بوابة الخلود”، لم يجد فينسنت فان غوغ، إلا أن يرد على من انتقص من قيمة أعماله وتميز رسوماته، بالقول: “لعل الله جعلني رساماً لأناس لم يولدوا بعد. في الحياة ينبغي أن نزرع أما الحصاد ففي مكان آخر”.
أيام وجدة
في لقاءاتك به، يستعيد محمود ميكري طفولته بوجدة، وهي طفولة كانت مليئة بكثير من الذكريات والمواقف والأحداث. يتذكر خمسينيات وجدة والعلاقة التي ربطت سكان وجدة والجزائريين، أيام النضال المشترك ضد الاستعمار، فيقول: “في وجدة، لا يوجد بيت لم يرتبط، تقريبا، بعلاقة نسب مختلط بين المغاربة والجزائريين، ولذلك لم يدخل في بال وعقول الوجديين أن يصير هناك فرق بين مغربي وجزائري. المؤسف أن هذا كله لم يبرز إلا مع أيام الاستقلال، حيث ذهبنا ضحية الحرب الباردة بين الشرق والغرب. وأنا أرى أن الفضل الكبير في استقلال الجزائر يعود إلى المغرب، وذلك لم يكن منة، بل واجب أخوة وجوار”.
يتذكر محمود ميكري كيف أن عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري، كان واحدا من بين ثلاثة نفذوا في حقه عقوبة “الفلقة” أيام “المْسيد” والطفولة، وذلك بأمر من “الفْقيه” فيقول: “أسترجع هذه الذكرى في علاقة بالثانوية العصرية التي كنت أدرس بها. يحدث للطفل الصغير ألا ينسى من كان سببا في عقوبة ألحقت به، إذ تبقى صورة ذلك الشخص عالقة ومرسومة في ذهنه وذاكرته. كان عبد العزيز بوتفليقة، وقتها، في الباكالوريا، وكنت أنا في السنة الثانية، التي درست خلالها تاريخ وشخصية نابليون بونابرت، مما جعلني أقارنه بعبد العزيز بوتفليقة. كان نابليون بونابرت قصير القامة، وكذلك كان عبد العزيز بوتفليقة. نابليون بونابرت اشتهر بانعزاليته، وكذلك كان عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يحجم عن مخالطة الآخرين، وقت الاستراحة، مكتفيا بتأبط الكتب والجلوس وحيدا إلى شجرة معينة بالثانوية. بعدها، سمعنا، في الثانوية، أن “بوتفليقة اطلع للجبل”، وكان وقتها لم يكمل العشرينات بعد. “اطلع للجبل”، يعني أنه انخرط في المقاومة الجزائرية المسلحة، التي انخرط فيها كثير من الشباب المغاربة ضد فرنسا”. ثم استدرك محمود، فقال: “من المعروف أن كثيرا من القياديين الجزائريين عاشوا في وجدة واختلطوا بناسها، حتى أن فرنسا تحدثت عن “الحكومة الوجدية”، قاصدة الحكومة التي ستقود الجزائر، فيما بعد”.
فضل البدايات
يتحدث محمود ميكري عن بدايات التجربة، مرجعا الفضل إلى كل أفراد العائلة، حيث يقول: “نحن أبناء عائلة لها معرفة ودراية بالفن، وممارسة لآلة العود والطرب الغرناطي. والدي كان رساما وعازفا على آلة العود، لكنه كان يحصر موهبته بين أركان البيت. والدتي، أيضا، كان لها صوت جميل وعلاقة بالطرب الغرناطي، دون أن أنسى أننا ولدنا في وجدة، التي كانت الموسيقى فيها عادة وثقافة. أما البداية الحقيقية، على صعيد الممارسة، فانطلقت حين انتقلنا إلى الرباط، في بداية الستينيات، وقد كانت مع برنامج إذاعي اسمه “للشباب، فقط”، للإذاعي الكبير أحمد ريان، وهو عبارة عن مسابقة وطنية في الغناء بين الشباب، حيث حصلنا على الجائزة الأولى على مستوى مدينة الرباط، فطلب منا ريان المشاركة في جولة فنية كمحترفين، وكانت تلك مناسبة سجلنا من خلالها مع الجوق الوطني أغنية “من يوم حبيتك”، التي تبقى أول أغنية في مسارنا الفني”.
من جهتها، تتذكر جليلة ميكري طفولتها وعلاقتها بوالدها والجو العائلي الذي تربى فيه “الإخوان ميكري”، فتقول: “كان الجو في منزلنا ممتعا للغاية. كان جوا فنيا بامتياز. أذكر أن والدي، حين كان يعود من عمله، يطلب مني أن أغني له أغنية “عايز جوباتك” لنجاح سلام. لاحقا سيقول كثيرون إن صوتي يشبه صوت فيروز، وكنت أرد بأني أغني فيروز، لكن بصوت جليلة. حين انتقلنا إلى الرباط، كنت في الـ 12 من العمر، وكان يحدث أن أردد بين الوقت والآخر أغاني فيروز وشادية وبعض الأغاني الهندية، قبل أن يقترح على محمود وحسن، في وقت لاحق، الانضمام إليهما ومصاحبتهما في الغناء. كانا قد انطلقا في الغناء قبل أكثر من سنتين من ذلك، خلال برنامج شبابي للتلفزة المغربية. كان محمود وحسن مجدان في دراستهما، لذلك ترك لهما والدي حرية ولوج عالم الفن والغناء. وأذكر أنه بكى من شدة الفرح، حين شاهدهما على شاشة التلفزة”.
تستحضر جليلة ميكري “ودّعته”، أول أغنية أدتها ذات سهرة على شاشة التلفزة المغربية. وعلى عكس موقفه من محمود وحسن، كان موقف الوالد رافضا لأن تغني جليلة أمام الجمهور، خصوصا بعد أن سمع في وجدة أن الناس انتقدت مرور فتاة وجدية على شاشة التلفزة لتغني وأن تتعاطى الفن والغناء. تقول جليلة ميكري: “لم يستسغ الوالد أن تكون عائلته مادة للقيل والقال، قبل أن يتدخل محمود ليقول له بأن جليلة لن تغني سوى رفقته وحسن. لاحقا، سأعتذر عن قبول عروض للتعامل مع أحمد الموجي وسيد مكاوي”.
هذا الالتزام بالغناء حصريا رفقة “الإخوان ميكري” لم يزعج يوما جليلة ميكري، التي تميزت بأغاني “ودعته” و”موعدي” و”علموك تحسب حساب” و”فْراق لحمام”، وغيرها، فضلا عن “لاتْكونْش أناني” و”نشَف الدمع”، لذلك قالت: “صارت تجربة “الإخوان ميكري” مدرسة بالنسبة لي. وصار لا يمكنني أن أترك هذه المدرسة، التي تربيت فيها لأذهب في اتجاه آخر. لم أرغب في أن أترك اسمنا الفني الذي كوناه لأنفسنا والشهرة والحب الذي وجدناه عند الجمهور المغربي. صار لنا شكلنا الفني الذي نتميز به. كنت أرى أن المغرب يمكن أن يكون نقطة انطلاق وشهرة، وأنه ليس ضروريا أن يهاجر الفنان إلى مصر وغيرها لكي يفرض ذاته وفنه”.
نهضة شبابية
عن الذي ساعد في تكوين طريقة ومضمون الأداء الذي ميز التجربة، يتحدث محمود ميكري عن انتقال العائلة من وجدة إلى الرباط، في بداية الستينيات، الشيء الذي مكنها من هامش للاختيار ما بين الشرق والغرب والتراث الموسيقى المغربي؛ مع إشارته إلى أن الرباط كانت وقتها عاصمة إدارية وثقافية وفنية، بحكم أن الإذاعة الوطنية كانت نافذة يطل من خلالها الفنانون على الجمهور. يقول: “في وجدة، كان هناك الطرب الغرناطي، كما كان هناك إعجاب بالمشرق العربي، ممثلا في عبد الحليم حافظ والإخوان رحباني، الذين عملوا على تقديم سامفونية عربية، بل ربما أمكن تشبيهنا بالإخوان رحباني، لكن بأغاني قصيرة. في نفس الوقت، كانت مرحلة الستينيات والسبعينيات، وحتى الثمانينيات، تؤرخ لنهضة شبابية وغنائية عالمية تجسدت في “البيتلز” و”كات ستيفنسن” و”إلفيس برسلي” و”بوب دايلن” وغيرهم، ممن وصلنا تيارهم، فتساءلنا لماذا لا تكون الأغنية المغربية عالمية وبنفس المستوى. نحن اقتبسنا من التراث ومن الشرق والغرب”.
من جهته، تحدث حسن ميكري عن فرادة وقيمة التجربة التي أطلقها رفقة شقيقه محمود، قبل أن يلتحق بهما كل من جليلة ويونس، وعن كل تلك المجموعات الغنائية التي ظهرت في الستينيات، ذاكراً بالإسم “توبقال” و”الرولزس” و”الأنامل الذهبية”، مشيرا إلى أن مجموعة “الإخوان ميكري” ظهرت، في بداية الستينيات، بلون موسيقي مختلف على مستوى الألحان؛ وهي المسألة التي قال إنه قد ساهم فيها، إلى جانبه على مستوى الألحان، كل من محمود ويونس الذي قال عنه إنه أعطى للأغنية الميكرية بعدا عالميا من خلال أغنيته الشهيرة “ليلي طويل”، التي ستفوز بالأسطوانة الذهبية عام 1972، بالنظر إلى الرقم الكبير من المبيعات الذي حققته في المغرب العربي وفرنسا.
يتوسع محمود ميكري في الحديث عن بداية ستينيات القرن الماضي، على المستوى الموسيقي، محليا، فيقول: “كان انتشار الأغنية المغربية محدوداً ومحصوراً في الإذاعة. وكان هناك مناخ موسيقي ينتصر لنمط من الغناء تأثر بالمدرسة المصرية في الموسيقى والطرب، وهو ما تجسد بشكل واضح في الفنان الراحل أحمد البيضاوي، الذي توجوه عميداً للأغنية المغربية بأداء وألحان “سنباطية”. كلامي لا يدل، هنا، على رغبة في التنقيص من قيمة أغنية الستينيات، كما أني لست ضد الفنان الراحل أحمد البيضاوي، الذي بذل جهداً كبيراً، في سبيل تطوير الأغنية المغربية العصرية، إذ يتوجب علينا أن نتذكر، في سياق الحديث عن مرحلة الستينيات، أغاني متميزة مثل “الدار اللي هناك” و”القمر الأحمر”، وغيرها. فقط، ما كان على هذا النمط العصري من الغناء أن يفرض على كل المغاربة. أما، نحن، فحين فكرنا في شكل الغناء اخترنا ما يرافق الأجيال والحساسيات الفنية حتى بعد مرور أربعين سنة، أو أكثر. تجربة الإخوان ميكري، حاولت أن تكسر من نمطية الأداء والتوجه الموسيقي السائد، آنذاك. بعد ذلك، زالت العقدة، لتخرج فرق ومجموعات أخرى، كل واحدة صارت تغني بنبرات خاصة بها، لتبرز وتشتهر مجموعات “ناس الغيوان” و”جيل جيلالة” و”لمشاهب” و”أوسمان” و”إزنزارن” و”إيمازيغن”، وغيرها، تعبيراً عن رغبة في نهضة موسيقية شعبية. لكن، تبقى الإشارة، هنا، إلى أن ظهور هذه الفرق والمجموعات الغنائية، لم يكن دليلا على انهزام نمط معين من الغناء، بل اختيارا حرا للتعبير عن أفكار وقناعات أخرى، راودت جيلا شابا كانت له همومه واختياراته الخاصة. نحن حاولنا تقديم أغنية مغربية لها مواصفات عصرية، انطلاقا من المغرب، مع الإشارة إلى أنه كان يحدث أن تأتينا دعوات من مهتمين وعارفين بميدان الغناء للاستقرار بمصر، مثلا. وأذكر مرة أن أحد المصريين، ممن التقيناهم بالجزائر، حيث كنا في جولة فنية، اقترح علينا الانتقال إلى مصر، قائلا إنه يمكننا أن نغني، هناك، ضمن ظروف متميزة واهتمام كبير. ويمكن القول، إن المصريين كان عندهم شعور بقيمة تجربتنا وبالمزاحمة التي يمكن أن نخلقها لمدرستهم في الغناء، ولذلك حاولوا احتضاننا. المفارق، أن ما رفضناه في الستينيات والسبعينيات صار، اليوم، غاية وهدفا لكثير من شبابنا وفنانينا”.
قضايا الأمة والوطن
لا شك أن مجموعة “الإخوان ميكري”، التي قدمت أعمالا فنية متفردة، من قبيل “قالو لي نساها” و”صبار” و”حورية” و”لن يسمح قلبي” و”يا مرايا” و”هي سمرة” و”جرحونا” و”دام ديرام دام” و”ليلي طويل” و”شعلتيها نار” والهارب” و”مغروم” و”هذا أنا” و”ياما”، تتم استعادتها بكثير من العشق والحنين، تميزت، أيضا، باقتراح مضامين أخرى مختلفة عبرت عن الهواجس الفردية والجماعية، فيما تساير التحولات التي عاشها المغرب، في أبعادها الوطنية والقومية والكونية. يقول محمود ميكري: “غنينا للقدس ولإفريقيا، ومختلف القضايا الوطنية والمغاربية والعربية. هناك، مثلا، أغنية أعطيناها عنوان “المغرب العربي”، وهي من كلمات محمد يحياوي، غنيناها، نحن “الإخوان ميكري”، مجتمعين، بمناسبة اجتماع القادة المغاربيين، نهاية ثمانينيات القرن الماضي بمدينة مراكش. كما أننا، غنينا للقضية الفلسطينية، ومن ذلك أغنية تقول في بعض كلماتها: “القدس لينا وكـتـْـشوف فينا / وفلسطين كـتـْـنادينا / ياشباب هيا بنا …”. أيضا، هناك أغنية “دار جـْـدودنا”، وهي من كلمات الشاعر التونسي منصف غشام. غنينا، أيضا، لقضايا الوطن، ومن ذلك أغنية “شمس الوطن”، التي هي من ألحاني ومن كلمات المرحوم محمد الزياتي الإدريسي، وقد سجلت بمناسبة المسيرة الخضراء، وقد أدتها المجموعة الصوتية التابعة للجوق الوطني، ومن كلماتها: “الله الله … الله أكبر / شمس الوطن بـْـدات تبان / فـْـعيون الشعب نـْـسا ورْجال / الله أكبر…”. بل، حتى أطفال المغرب كان لهم نصيب من تجربتنا، ومن ذلك أغنية “عندي بابا عندي ماما / ديما معايا حتى فْ النوم”، التي هي من ألحاني”.