خولة العدراوي
أثار منشور متداول على مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الجدل والسخرية، بعد نسبه إلى الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، بدعوى استعمال صورة تاريخية لمناضلات إيطاليات وادعاء أنها تعود لنساء جزائريات هن جميلة وحسيبة وزهرة، وهي أسماء ارتبطت في الذاكرة الجماعية بالثورة الجزائرية.

الواقعة، التي انتشرت بسرعة كبيرة عبر المنصات الرقمية، فجّرت نقاشاً حاداً حول المصداقية والتدقيق في المحتوى التاريخي، خصوصاً حين يصدر أو يُنسب إلى أسماء ثقافية معروفة يفترض فيها التحري قبل النشر. عدد من النشطاء سارعوا إلى تفنيد الصورة، مؤكدين أنها تعود لمناضلات إيطاليات يحملن السلاح في سياق تاريخي مختلف تماماً، ولا علاقة لها بالثورة الجزائرية.
السخرية كانت حاضرة بقوة في تعليقات المتابعين، حيث اعتبر كثيرون أن ما جرى مثال صارخ على التضليل البصري واستغلال الصور خارج سياقها، ما يحوّل الرموز التاريخية إلى مادة للتندر بدل النقاش الرصين. وذهب آخرون إلى تحميل المسؤولية لما وصفوه بثقافة “النسخ واللصق” التي باتت تطغى على الفضاء الرقمي، دون تحقق أو مساءلة.

في المقابل، شدد متابعون على ضرورة التمييز بين المنشورات الموثقة وتلك المفبركة أو المبتورة، مطالبين بعدم الانسياق وراء كل ما يُتداول باسم شخصيات عامة، خاصة في ظل سهولة التلاعب بالمحتوى ونسبته لأشخاص لم يصدر عنهم رسمياً.
الجدل أعاد إلى الواجهة سؤالاً أوسع حول أخلاقيات النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وحدود المسؤولية المعنوية للمثقفين وصنّاع الرأي، حين يتعلق الأمر بالتاريخ والرموز الوطنية. كما أكد أن الجمهور اليوم أكثر وعياً وقدرة على التفنيد، وأن محاولات تمرير صور أو روايات غير دقيقة سرعان ما تنقلب إلى مادة للضحك والنقد اللاذع.

وفي انتظار توضيح رسمي أو تأكيد دقيق لمصدر المنشور، يبقى الدرس الأبرز من هذه الواقعة هو أن التحقق من المعلومة لم يعد ترفاً، بل ضرورة، حتى لا يتحول التاريخ إلى نكتة، ولا تُستغل الرموز في معارك افتراضية تسيء للوعي الجماعي أكثر مما تخدمه.